بالخلافة ، وأورثك ميراث النبوة ما قلت شعرا من أكثر من عشرين إلّا في زهد أو عتاب صديق ، فقال له : اجلس ، فجلس ، فناوله قدح نبيذ كان في يده وقال له : اشرب ، فأرعد ، وبكى ، وأخذ القدح من يده وقال : والله يا أمير المؤمنين ما غيّرت الماء بشيء قط مما يختلف في تحليله فقال : لعلك تريد نبيذ التمر والزبيب (١) ، فقال : لا والله يا أمير المؤمنين ما أعرف شيئا منهما ، فأخذ القدح من يده وقال : أم والله لو شربت شيئا من هذا لضربت عنقك ، ولقد ظننت أنّك صادق في قولك كله ، ولكن لا يتولى القضاء أبدا رجل بدأ في قوله بالبراءة من الإسلام انصرف إلى منزلك.
وأمر علّويه فغير هذه الكلمة ، وجعل مكانها : حرمت مناي منك.
ورويت هذه القصة لغير الخلنجي ، وذكر أن علّوية غنى بالأبيات المأمون بدمشق ، وذكر أنها لعمر بن أبي بكر الموصلي ، وستأتي في ترجمة عمر إن شاء الله تعالى.
أخبرنا أبوا (٢) الحسن ، قالا : وأنا ـ وأبو النجم ، أنا ـ أبو بكر الخطيب (٣) ، أخبرني الأزهري ، أخبرني أحمد بن إبراهيم ، نا إبراهيم بن محمّد بن عرفة ، حدّثني علي بن محمّد بن الفرات قال :
لما تولى الخلنجي قضاء الشرقية كثر من يطالبه بفك الحجر ، فدعا بالأمناء فقال لهم : من كان في يده منكم مال ليتيم ، فليشتر له منه مرّا وزبيلا (٤) يكون قبله ، وليدفع إليه ماله ؛ فإن أتلفه عمل بالمرّ والزبيل. وقال ابن عرفة : حدّثني داود بن علي قال : سمعت بعض شهود الخلنجي يقول : ما علمت أن القرآن مخلوق إلى اليوم فقلت : وكيف علمت أجاءك وحي؟ قال : سمعت القاضي يقول.
وذكر أحمد بن كامل القاضي قال : سنة ثلاث وخمسين ومائتين مات فيها الخلنجي القاضي.
٣٥٤٤ ـ عبد الله بن محمّد
ـ والصواب : عبد الملك بن محمّد ـ الصّنعاني
من صنعاء دمشق.
__________________
(١) الأغاني : التمر أو الزبيب.
(٢) الأصل : «أبو» خطأ ، والصواب ما أثبت ، والسند معروف.
(٣) تاريخ بغداد ١٠ / ٧٤.
(٤) المرّ : الحبل والمسحاة ، والزبيل كأمير القفة (القاموس المحيط).