فربّما ذكرت ما كنت فيه ، فيسقط الجرّ من يدي (١) ثم أخذت العود وغنت :
يا بيت عاتكة التي أتعزّل |
|
حذر (٢) العدى وبه الفؤاد موكّل |
إنّي لأمنحك الصدود وإنّني |
|
قسما إليك مع الصدود لأميل |
ولقد نزلت من الفؤاد بمنزل |
|
ما كان غيرك والأمانة ، ينزل |
ولقد شكوت إليك بعض صبابتي |
|
ولما كتمت (٣) من الصبابة أطول |
هل عيشنا بك في زمانك راجع |
|
فلقد تعجبين (٤) بعدك المتعلّل |
أعرضت عنك وليس ذاك لبغضة |
|
أخشى ملامة (٥) كاشح لا يعقل |
فقلنا لها : لمن هذا الشعر؟ قالت : للأحوص بن محمّد الأنصاري ، وقلنا : فلمن الغناء؟ قالت : لمعبد المغني ، فقال الأحوص : فأنا والله الأحوص ، وقال معبد : وأنا والله معبد ، فأنشأت تقول (٦) :
إن تروني (٧) الغداة أسعى بجرّ |
|
أستقي (٨) الماء نحو هذا الغدير |
فلقد كنت في رخاء من العيش |
|
وفي كل نعمة وسرور |
ثم قد تبصران ما فيه أصبحت (٩) |
|
وما ذا إليه صار مصيري |
أبلغا عني الإمام وما يبلغ (١٠) |
|
صدق الحديث مثل الخبير |
إنّني أضرب الخلائق بالعود |
|
وأحكاهم لبمّ وزير (١١) |
فلعل الإله ينقذ مما |
|
أنا فيه فإنّني كالأسير |
ليتني متّ يوم فارقت أهلي |
|
وبلادي وزرت أهل القبور |
__________________
(١) زيد في الجليس الصالح :
فينكسر ، فتضربني على هذا ، ولما رأيتكما وما أنتما عليه ذكرت ما مضى من أيامي فسقط الجرّ من يدي.
(٢) عن الجليس الصالح وبالأصل : «ح؟؟؟ ها».
(٣) الجليس الصالح : شكوت.
(٤) الجليس الصالح : تفحّس.
(٥) الجليس الصالح : مقالة.
(٦) الأبيات في الجليس الصالح ٤ / ٧٠ والأغاني ٢١ / ١٠٩.
(٧) الأصل والمطبوعة : «يروني العداة» والمثبت عن الجليس الصالح والأغاني.
(٨) الأصل : «أسقي الماء بحق» والمثبت عن الأغاني والجليس الصالح.
(٩) الأغاني : أمسيت.
(١٠) الأغاني : يعرف ... غير الخبير.
(١١) البم والزير : من آلات الطرب.