بني مخزوم يقال له : ابن عنبة (١) فوعده أن يعينه على ابن حزم ، فلما دخلا على الوليد قال له الوليد : ويلك ما هذا الذي أتيت (٢) به يا أحوص ، قال : يا أمير المؤمنين ، والله لو كان الذي رماني به ابن حزم أمرا من أمر الدين إلا أن دناءته ونذالته على ما هي عليه لاجتنبته ، فكيف وهو من أكبر معاصي الله ، وأنا الذي أقول :
لظلوا وأيديهم إليك تشير
قال : فقال ابن عنبة (٣) : يا أمير المؤمنين ، إنّ ابن حزم من فضله وعدله ورضاه في بلده وليس ممن يتّهم له قول ولا حكم ، فقال الأحوص : هذا والله كما قال الأول (٤) :
وكنت كذئب (٥) السّوء لما رأى دما |
|
بصاحبه يوما أحال على الدّم |
وفي رواية أبي أحمد : وأغار ، جميعا وعدني والله أن يعينني على ابن حزم ، ثم هذا قوله.
أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا أبو محمّد عبد الوهّاب بن علي ، أنا أبو الحسن (٦) علي بن عبد العزيز ، قال : قرئ على أبي بكر أحمد بن جعفر بن محمّد بن سلم ، أنا الفضل بن الحباب ، نا محمّد بن سلام قال :
وأما الأحوص بن محمّد الأنصاري فحدّثني أبي عن من حدّثه أحسبه قال : عن الزهري ، قال (٧) :
كان الأحوص الشاعر يشبّب بنساء أهل المدينة فتأذوا به ، وكان معبد وغيره من المغنين يتغنّون في شعره فشكاه قومه ، فبلغ ذلك سليمان بن عبد الملك ، فكتب إلى عامله بالمدينة : أن يضربه مائة سوط ويقيمه على البلس (٨) للناس ، ثم يسيّره إلى دهلك يفعل ذلك به ، فثوى بها سلطان سليمان ، وعمر بن عبد العزيز فأتى رجال من الأنصار عمر بن عبد العزيز فسألوه أن يردّه إلى حرم رسول الله صلىاللهعليهوسلم وقالوا : قد عرفت نسبه ، وموضعه من قومه ، وقد أخرج إلى
__________________
(١) الأغاني : محمد بن عتبة.
(٢) الأغاني : رميت.
(٣) الأغاني : محمد بن عتبة.
(٤) البيت للفرزدق ديوانه ط بيروت ٢ / ١٨٧.
(٥) عن الديوان والأغاني : وبالأصل : «كذبت».
(٦) بالأصل : أبو الحسين.
(٧) انظر الأغاني ٤ / ٢٤٦ ـ ٢٤٧ والوافى بالوفيات ١٧ / ٤٣٧ والشعر والشعراء ص ٣٣٠.
(٨) البلس بضمتين ، غرائر كبار من مسوح يجعل فيها التبن.