أرض الشرك ، فنطلب إليك أن تردّه إلى حرم رسول الله صلىاللهعليهوسلم ودار قومه ، فتساءل عمر : من الذي يقول :
فما هو إلّا أن أراها فجاءة |
|
فأبهت حتى ما أكاد أجيب (١) |
قالوا : الأحوص ، قال : فمن الذي يقول :
أدور ولو لا أن أرى أمّ جعفر |
|
بأبياتكم ما درت حيث أدور |
قالوا : الأحوص ، قال : فمن الذي يقول :
الله بيني وبين قيّمها |
|
يفرّ منّي بها وأتّبع |
قالوا : الأحوص ، قال : فمن الذي يقول :
سيلقى لها في القلب في مضمر الحشا |
|
سريرة حبّ يوم تبلى السرائر |
قالوا : الأحوص ، قال : إنه عنها يومئذ لمشغول ، والله لا أردّه ما كان لي سلطان ، فمكث هنالك صدرا (٢) يزيد بن عبد الملك ، فبينما يزيد ليلة على سطح وجاريته حبابة تغنّيه شعر الأحوص إذ قال يزيد : من تقول هذا الشعر؟ قالت : لا وعيشك (٣) أدري ، قال : وقد كان ذهب من الليل شطره ، فقال : ابعثوا إليّ الزهري ، فعسى أن يكون عنده علم من ذلك ، فأتي ابن شهاب الزهريّ ، فقرع بابه ، فخرج فزعا حتى أتى يزيد ، فلما صعد إليه قال : لا بأس ، لم ندعك إلّا لخير ، اجلس ، فجلس فقال : من يقول هذا الشعر؟ قال : الأحوص يا أمير المؤمنين ، قال : ما فعل؟ قال : قد طال حبسه بدهلك ، قال : عجبت لعمر بن عبد العزيز كيف اعتقله (٤) ، فأمر بالكتاب بتخليصه (٥) وأمر له بأربع مائة دينار ، فأقبل الزهري من ليلته إلى ناس من الأنصار فبشّرهم بتخلية سبيل الأحوص ، ثم قدم عليه ، فأجازه ، وأحسن إليه.
أخبرنا أبو غالب أحمد ، وأبو عبد الله يحيى ابنا (٦) الحسن ، قالا : أنا أبو الحسين بن الآبنوسي ، أنا أحمد بن عبيد بن الفضل ـ إجازة ـ قالا : وأنا أبو تمام علي بن محمّد العبدي ـ إجازة ـ أنا أبو بكر بن بيري ـ قراءة ـ أنبأ أبو عبد الله محمّد بن الحسين بن محمّد بن سعيد ،
__________________
(١) البيت من أبيات نسبها ابن قتيبة في الشعر والشعراء ص ٣٩٥ لعروة بن حزام العذري (ترجمته).
(٢) في الوافي بالوفيات والأغاني : فمكث هناك بقية ولاية عمر وصدرا من ولاية يزيد بن عبد الملك.
(٣) الأغاني : وعينيك.
(٤) الأغاني : أغفله.
(٥) الأغاني : بتخلية سبيله.
(٦) الأصل : «أنا» خطأ والصواب ما أثبت ، والسند معروف.