وأنشدهن ، فلما أراد الخروج شق طمرة من (١) ورائه فوضعها على جدران الدار ثم تيمم الموضع لمّا أصبح ، فطاف عليه حتى وجد العلامة فقال :
خمس دسسن إليّ في لطف |
|
حور العيون نواعم زهر |
فطرقتهنّ مع الرسول (٢) وقد |
|
نام الرقيب وحلّق النّسر |
متأبطا للحي إن فزعوا (٣) |
|
غضبا يلوح بمتنه أثر |
فعكفن ليلتهنّ ناعمة |
|
ثم استفقن وقد بدا الفجر |
بأشمّ معسول بحاجبه (٤) |
|
غض الشباب رداؤه غمر |
قامت بخاصرة لقيتها (٥) |
|
تمشي التأود غادة بكر |
فتناغيا (٦) من دون نسوتها |
|
كلما يسرّ كأنه سحر |
كلّ يرى أن الشباب له |
|
في كلّ مبلغ لذّة عذر (٧) |
قال إسماعيل : فخرجت وأنا شاب ، ومعي شباب كثير في مسجد رسول الله صلىاللهعليهوسلم فذكرنا خبر الأحوص هذا وشعره ، وقدامنا عجوز عليها وسم جمال ، فلما بلغنا المسجد وقفت ، والتفتت إلينا فقالت : يا فتيان ، أنا والله إحدى الخمس ، كذب وربّ هذا القبر والمنبر ، ما خلت معه واحدة ، ولا راجعته دون نسوتها كلاما.
أخبرنا أبو بكر محمّد بن محمّد بن كرتيلا ، أنا أبو بكر محمّد بن علي الخيّاط ، أنا أحمد بن عبد الله السّوسنجردي ، أنا أبو جعفر أحمد بن علي بن محمّد ، أنا أبي أبو طالب ، أنا محمّد بن مروان ، أنشدنا محمّد بن الحسن القرشي ، وأبو عيسى الأزدي للأحوص يرثي معاوية [فقال :]
يا أيها الرجل الموكّل بالصّبا |
|
وصبى الكبير إذا بقا (٨) تعليل |
قدّم لنفسك قبل موتك صالحا |
|
واعمل ، فليس إلى الخلود سبيل |
إنّ الحمام لنازل بك لا حق |
|
والموت ربع إقامة محلول |
__________________
(١) في المطبوعة : شق طرة من ردائه.
(٢) الأغاني : الجري.
(٣) الأغاني : إذ قرعوا عضبا.
(٤) الأغاني : فكاهته.
(٥) الأغاني : قامت تخاصره لكلّتها.
(٦) مضطربة بالأصل ، والمثبت عن المطبوعة ، وفي الأغاني : فتنازعا.
(٧) الأغاني : في كل غاية صبوة عذر.
(٨) المطبوعة : صبا تعليل.