[وقال : يا](١) عم اركب في غد فصلّ (٢) بالناس في المصلى ، وانحر وأخبر بعلة أمير المؤمنين ، وأكثر لزومك داره ، فإذا قضى نحبه فاكتم وفاته حتى تقرأ هذا الكتاب على الناس ، وتأخذ عليهم البيعة للمسمى في هذا الكتاب ، فإذا أخذتها واستحلفت الناس عليها بمؤكدات الأيمان ، فانع إليهم أمير المؤمنين وجهّزه ، وتولّ الصلاة عليه ، ثم انصرف في حفظ الله تعالى ، فتأهب لركوبك ، فقلت : يا أمير المؤمنين هل وجدت علة؟
فقال : يا عمّ ، وأي علة هي أقوى (٣) وأصدق من الخبر الصادق عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فأخذت الكتاب ونهضت ، فما مشيت إلّا خطى حتى هتف بي يأمرني بالرجوع ، فرجعت وقال لي : إنّ الله عزوجل قد ألبسك كمالا أكره أن يحطك (٤) الناس فيه ، وكتابي الذي في يديك مختوم ، وسيقول من يحسدك على ما جرى على يديك من هذا الأمر الجليل أنك إنما وفيت للمسمى في هذا الكتاب لأن الكتاب كان مختوما ، وقد رأى أمير المؤمنين أن يدفع إليك خاتمه ليقطع بذلك ألسنة الحسدة عنك ، فخذ الخاتم ، فو الله لتفينّ للمسمّى (٥) في هذا الكتاب ، وليلينّ الخلافة (٦) ما كذّبت ولا كذبت ، وانصرفت وتأهّبت للركوب ، فركبت وركب معي الناس ، حتى صلّيت بأهل العسكر ونحرت (٧) وانصرفت إليه ، فسألته عن خبره فقال : خبره أنه يموت (٨) لا محالة ، فقلت : يا أمير المؤمنين هل وجدت شيئا؟ فأنكر علي قولي وكشّر في وجهي [وقال :](٩) يا سبحان الله أقول لك إن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : إنه يموت فتسألني عمّا أجد ، لا تعود بمثل هذا الذي كان منك ، ثم دخلت إليه عشية يوم العيد ، وكان من أحسن من عاينته عيناي وجها ، فرأيته في تلك العشية وقد حدثت في وجهه وردية لم أكن أعرفها (١٠) ، فزادت وجهه كمالا ، ثم بصرت بإحدى وجنتيه في الحمرة حبة مثل حبّة الخردل بيضاء ، فارتبت لها ، ثم صوّبت بطرفي إلى الوجنة الأخرى فوجدت فيها حبّة أخرى ، ثم أعدت بطرفي
__________________
(١) مكانها بياض بالأصل ، والزيادة المثبتة عن تاريخ بغداد.
(٢) الأصل : «فصلي» والمثبت عن تاريخ بغداد.
(٣) بالأصل : «وأقوى».
(٤) كذا بالأصل وتاريخ بغداد ، وفي المختصر ١٣ / ٣٠٩ والمطبوعة : يحظّك.
(٥) عن تاريخ بغداد وبالأصل : المسمى.
(٦) الأصل : الحكاية ، والمثبت عن تاريخ بغداد.
(٧) بالأصل : وكبرت ، والمثبت عن تاريخ بغداد.
(٨) في تاريخ بغداد : خبر ما به الموت.
(٩) الزيادة عن تاريخ بغداد.
(١٠) تاريخ بغداد : أعهدها.