لما حملت بابني جعفر رأيت كأن أسدا خرج من فرجي فأقعى ، وزأر ، وضرب بذنبه (١) فرأيت الأسد تقبل من كل ناحية إليه ، فكلما انتهى إليه أسد منها سجد له.
أخبرنا أبو النجم بدر بن عبد الله ، أنا أبو بكر الخطيب (٢) ، أنبأ القاضي أبو القاسم التنوخي ، أنا محمّد بن عبد الرحيم المازني ، أنا الحسين بن القاسم الكوكبي ، حدّثني أبو سهل بن علي بن نوبخت قال :
كان جدنا نوبخت على دين المجوسية ، وكان في علم النجوم نهاية ، وكان محبوسا بسجن الأهواز ، فقال : رأيت أبا جعفر المنصور وقد أدخل السجن ، فرأيت من هيبته ، وجلالته ، وسيماه ، وحسن وجهه ، وثيابه (٣) ما لم أره لأحد قط ، قال : فصرت من موضعي إليه ، وقلت : يا سيّدي ، ليس بوجهك من وجوه أهل هذه البلاد ، [فقال : أجل يا مجوسي ، قلت : فمن أي بلاد أنت؟ فقال : من أهل المدينة ، فقلت : أي مدينة](٤) فقال : من مدينة الرسول صلىاللهعليهوسلم ، فقلت : وحق الشمس والقمر إنّك لمن ولد صاحب المدينة ، قال : لا ولكني من عرب المدينة ، قال : فلم أزل أتعرّف إليه وأخدمه حتى سألته عن كنيته فقال : كنيتي أبو جعفر ، فقلت : أبشر ، فو حق المجوسية لتملكنّ جميع ما في هذه البلدة ، حتى تملك فارس وخراسان والجبال ، فقال لي : وما يدريك يا مجوسي؟ قلت : هو كما أقول ، فاذكر لي هذه البشرى ، فقال : إن قضي بشيء فسوف يكون ، قال : قلت : قد قضاه الله من السماء ، فطب نفسا ، وطلبت دواة فوجدتها ، فكتب لي :
بسم الله الرحمن الرحيم ، يا نوبخت إذا فتح الله على المسلمين وكفاهم مئونة الظالمين ، وردّ الحق إلى أهله ، لم نغفل ما يجب من حق خدمتك إيانا ، وكتب أبو جعفر.
قال نوبخت : فلما ولي الخلافة صرت إليه ، فأخرجت الكتاب فقال : أنا له ذاكر ، ولك متوقع ، فالحمد الله الذي صدق وعده ، وحقق الظن وردّ الأمر إلى أهله ، فأسلم نوبخت فكان منجما لأبي جعفر ، ومولى.
قرأت بخط أبي الحسين (٥) الرازي ، حدّثني أبو محمّد عبد الله بن أحمد بن ابنة أبي
__________________
(١) تقرأ بالأصل : «رأسه» والمثبت عن تاريخ جرجان.
(٢) الخبر في تاريخ بغداد ١٠ / ٥٤ ـ ٥٥.
(٣) في تاريخ بغداد والمختصر : وبنائه.
(٤) الزيادة بين معكوفتين زيادة عن تاريخ بغداد.
(٥) الأصل : «ابن الحسن» خطأ والصواب ما أثبت ، والسند معروف.