ويقال له : عبد الله الطويل الأكبر ، واستخلف أبو جعفر المنصور عبد الله الأكبر أمير المؤمنين ابن محمّد يوم توفي أبو العبّاس بالأنبار ، وكان أبو العبّاس وصّى عند وفاته إلى عمّه عيسى بن علي ، وكتب العهد لأخيه أبي (١) جعفر بعده ، ومن بعد أبي (٢) جعفر لعيسى بن موسى بن محمّد بن علي بن عبد الله بن العبّاس فقام بالبيعة لأبي جعفر بالأنبار عيسى بن علي ، وأبو جعفر يومئذ بمكة في الحجّ ، وأنفذ إليه الخبر بذلك ، فلقيه الرسول في منصرفه من الحجّ بمنزل يقال له صفينة من ناحية طريق الجادة ، فتفاءل باسم المنزل. وقال : صفت لنا إن شاء الله تعالى ، وأغذ السّير ، ثم قدم الأنبار وهي يومئذ دار الملك ، فاستقبل بخلافته المحرّم من سنة سبع وثلاثين ، فكانت خلافته ثنتين وعشرين سنة ، تنقص أياما ، وتوفي بأكناف مكة ، وهو محرم في اليوم السابع من ذي الحجّة سنة ثمان وخمسين ومائة.
أخبرنا أبو سعد إسماعيل بن أحمد بن عبد الملك ، وأبو الحسن مكي بن أبي طالب قالا : أنا أحمد بن علي بن خلف ، أنا أبو عبد الله الحافظ قال : سمعت أبا الحسن أحمد بن جعفر العلوي بالكوفة يقول : سمعت أبي يحكي عن آبائه :
أن أبا جعفر المنصور كان يرحل في طلب العلم قبل الخلافة ، فبينما هو يدخل منزلا من المنازل قبض عليه صاحب الرّصد ، فقال : زن درهمين قبل أن تدخل ، قال : خلّ (٣) عني ، فإنّي رجل من بني هاشم ، قال : زن درهمين قال : خلّ عني ، فإنّي من بني أعمام رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، قال : زن درهمين ، قال : خلّ عني فإنّي رجل قارئ لكتاب الله تعالى ، قال : زن درهمين ، قال : خلّ عني فإنّي رجل عالم بالفقه والفرائض ، قال : زن درهمين ، قال : فلما أعياه أمره وزن الدرهمين ولزم جميع المال والتدنيق (٤) فيه ، فبقي على ذلك برهة من زمانه إلى أن قلّد الخلافة وبقي إليه ، فصار الناس يبخلونه فلقب بأبي الدوانيق (٥).
أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم ، نا رشأ بن نظيف ، أنا الحسين بن إسماعيل ، أنا أحمد بن مروان ، [نا](٦) محمّد بن داود ، نا أبو (٧) عثمان المازني ، عن الأصمعي قال :
قالت أعرابيّة للمنصور في طريق مكة بعد وفاة أبي العبّاس : أعظم الله أجرك في أخيك ،
__________________
(١) بالأصل : «ابن».
(٢) بالأصل : «ابن».
(٣) بالأصل : «حل» صوبنا اللفظة في الخبر عن تاريخ الخلفاء والمختصر.
(٤) تاريخ الخلفاء : والتدنق.
(٥) الخبر في تاريخ الخلفاء للسيوطي ص ٣١٩ نقلا عن ابن عساكر.
(٦) ليست بالأصل ، وأضيفت للإيضاح.
(٧) كتبت بين السطرين بالأصل.