عفا» فقال المنصور : خلوا سبيله ، ثم أقبل على جلسائه يخبرهم بعظيم جرمه ، وما صنع [٦٦٨٤].
أخبرنا أبو النجم بدر بن عبد الله ، أنا أبو بكر الخطيب (١) ، أنبأ التنوخي ، أنا محمّد بن عبد الرحيم المازني ، نا الحسين بن القاسم الكوكبي ، نا ابن أبي سعد ، حدّثني أبو (٢) زيد ، حدّثني أيوب بن عمرو بن أبي عمرو ـ أبو سلمة الغفاري (٣) ـ حدّثني قطن بن معاوية الغلّابي ، قال :
كنت ممن سارع إلى إبراهيم (٤) واجتهد معه ، فلما قتل طلبني أبو جعفر واستخفيت ، فقبض أموالي ودوري ، فلحقت بالبادية فجاورت في بني نصر بن معاوية ثم في بني كلاب ، ثم في بني فزارة ، ثم في بني سليم ، ثم تنقلت في بلاد قيس أجاورهم حتى ضقت (٥) ذرعا (٦) ، فأزمعت على القدوم على أبي جعفر والاعتراف له ، فقدمت البصرة ، فنزلت في طريق منها ، ثم أرسلت إلى أبي عمرو بن العلاء وكان لي ودّا فشاورته في الذي أزمعت عليه ، فقبل رأي (٧) قال : والله إذا ليقتلنّك وإنّك لتعين على نفسك ، فلم التفت إليه وشخصت حتى قدمت بغداد ، وقد بنى أبو جعفر مدينته ونزلها ، وليس من الناس أحد يركب فيها ما خلا المهدي ، فنزلت الخان ثم قلت لغلماني : أنا ذاهب إلى أمير المؤمنين فأمهلوا ثلاثا ، فإن جئتكم وإلا فانصرفوا ، ومضيت حتى دخلت المدينة ، فجئت دار الربيع والناس ينتظرونه وهو يومئذ داخل المدينة في الشارعة على قصر الذهب ، فلم ألبث أن خرج يمشي ، فقام إليه الناس ، وقمت معهم ، فسلّمت عليه ، فردّ عليّ وقال : من أنت؟ قلت : قطن بن معاوية ، قال : انظر ما تقول ، قلت : أنا هو ، فأقبل على مسودة معه فقال : احتفظوا بهذا ، قال : فلما حرست لحقتني ندامة ، وتذكرت رأي أبي (٨) عمرو ، فتأسّفت عليه ، ودخل الربيع ، فلم يطل حتى خرج معي وأخذ بيدي فأدخلني قصر الذهب ، ثم أتى بيتا حصينا فأدخلني فيه ، ثم أغلق بابه وانطلق ، فاشتدت ندامتي ، وأيقنت بالبلاء ، وخلوت بنفسي ألومها ، فلما كانت الظهر أتاني الخصي بماء ،
__________________
(١) تاريخ بغداد ١٠ / ٥٨.
(٢) عن تاريخ بغداد وبالأصل : ابن زيد.
(٣) في تاريخ بغداد : العقاري.
(٤) يعني إبراهيم بن عبد الله بن حسن.
(٥) الأصل : صعب ، والمثبت عن تاريخ بغداد.
(٦) «ذرعا» ليست في الأصل ، وأضيفت للإيضاح عن تاريخ بغداد.
(٧) كذا بالأصل : وفي تاريخ بغداد : «ففيّل رأيي» وفيّل رأيه : قبّحه وخطأه.
(٨) عن تاريخ بغداد وبالأصل : ابن.