ابن يعقوب ، أنا ابن نعيم (١) ، أخبرني محمّد بن أحمد بن عمر ، نا محمّد بن المنذر ، حدّثني عمر بن سعيد الطائي ، نا عمر بن حفص الصّوفي ـ بمنبج ـ قال : خرج ابن المبارك من بغداد يريد المصّيصية ، فصحبه الصّوفية فقال لهم : أنتم لكم أنفس تحتشمون أن ينفق عليكم ، يا غلام هات الطّست ، فألقى على الطّست منديلا ثم قال : يلقي كل رجل منكم تحت المنديل ما معه ، قال : فجعل الرجل يلقي عشرة دراهم ، والرجل يلقي عشرين درهما ، فأنفق عليهم إلى المصّيصة ، فلما بلغ المصّيصة قال : هذه بلاد نفير فقسّم (٢) ما بقي ، فجعل يعطي الرجل عشرين دينارا فيقول : يا أبا عبد الرّحمن إنّما أعطيت عشرين درهما ، فيقول : وما ننكر (٣) أن الله يبارك للغازي في نفقته.
قال (٤) : وأنا أبو طالب عمر بن إبراهيم الفقيه ، وأبو محمّد الحسن بن محمّد الخلّال ، قالا : حدّثنا إسماعيل بن محمّد (٥) ، نا أحمد بن الحسن المقرئ ، سمعت عبد الله بن أحمد الدورقي ، سمعت محمّد بن علي بن الحسن (٦) بن شقيق ، سمعت أبي قال :
كان ابن المبارك إذا كان وقت الحجّ اجتمع إليه إخوته (٧) من أهل مرو فيقولون : نصحبك يا أبا عبد الرّحمن ، فيقول لهم : هاتوا نفقاتكم ، فيأخذ نفقاتهم فيجعلها في صندوق ويقفل عليها ، ثم يكتري لهم ويخرجهم من مرو إلى بغداد ، فلا يزال ينفق عليهم ويطعمهم أطيب الطعام وأطيب الحلوى ، ثم يخرجهم من بغداد بأحسن زيّ وأكمل (٨) مروءة ، حتى يصلوا إلى مدينة الرسول صلىاللهعليهوسلم فإذا صاروا إلى المدينة قال لكل رجل منهم : ما أمرك عيالك أن تشتري لهم من المدينة من طرفها؟ فيقول : كذا ، ثم يخرجهم إلى مكّة فإذا وصلوا إلى مكّة وقضوا حجهم قال لكل منهم : ما أمرك عيالك أن تشتري لهم من متاع مكة؟ فيقول : كذا وكذا ، فيشتري لهم ثم يخرجهم من مكة ، فلا يزال ينفق عليهم إلى إن يصيروا إلى مرو ، فإذا
__________________
(١) في تاريخ بغداد : محمد بن نعيم.
(٢) تاريخ بغداد : «فنقسم» وفي تاريخ الإسلام : وقسّم.
(٣) في تاريخ بغداد : «وما تنكر» وفي تاريخ الإسلام : وما تذكر.
(٤) القائل أبو بكر الخطيب ، والخبر في تاريخ بغداد ١٠ / ١٥٨ وتاريخ الإسلام (١٨١ ـ ١٩٠) ص ٢٣٣ والبداية والنهاية بتحقيقنا ١٠ / ١٩١.
(٥) في تاريخ بغداد : إسماعيل بن محمد بن إسماعيل الكاتب.
(٦) الأصل : الحسين ، خطأ ، والصواب عن تاريخ بغداد ، انظر ترجمته في تهذيب الكمال ١٧ / ٧٢.
(٧) كذا بالأصل وتاريخ الإسلام ، وفي تاريخ بغداد : إخوانه.
(٨) تاريخ بغداد : وأجمل.