صاروا إلى مرو جصّص (١) أبوابهم ودورهم ، فإذا كان بعد ثلاثة أيام صنع لهم وليمة وكساهم ، فإذا أكلوا وشربوا (٢) دعا بالصندوق ، ففتحه ودفع إلى كلّ رجل منهم صرّته بعد أن كتب عليها اسمه.
قال أبي : أخبرني خادمه أنه عمل آخر سفرة سافرها دعوة ، فقدم إلى الناس خمسة وعشرين خوانا فالوذج (٣).
قال أبي : وبلغني (٤) أنه قال للفضيل بن عياض : لولاك وأصحابك ما اتّجرت.
قال أبي : وكان ينفق على الفقراء في كل سنة مائة ألف درهم.
أخبرنا أبو القاسم زاهر بن طاهر ، أنا أبو بكر البيهقي ، أنا أبو عبد الله الحافظ ، حدّثني محمّد بن علي النحوي ، نا أحمد بن علي بن رزين ، نا علي بن خشرم ، حدّثني سلمة بن سليمان قال (٥) :
جاء رجل إلى عبد الله بن المبارك فسأله أن يقضي دينا عليه ، فكتب له إلى وكيل له ، فلما ورد عليه الكتاب قال له الوكيل : كم الدين الذي سألت فيه عبد الله أن يقضيه عنك؟ قال : سبعمائة درهم ، قال : فكتب إلى عبد الله : إنّ هذا الرجل سألك أن تقضي عنه سبعمائة درهم وكتبت إليّ سبعة آلاف درهم ، وقد فنيت الغلّات ، فكتب إليه عبد الله : إن كانت الغلّات قد فنيت فإن العمر أيضا قد فني ، فأجز له ما سبق به قلمي له.
رواها الخطيب عن ابن يعقوب عن الحاكم (٦).
أنبأنا أبو علي الحداد ، أنا أبو نعيم ، أنا أبي وعبد الله بن محمّد بن جعفر ، قالا : ونا أحمد بن محمّد بن إبراهيم ، نا علي بن محمّد بن روح ابن عمة لوين قال : سمعت المسيّب بن واضح يقول (٧) :
كنت عند ابن المبارك جالسا إذ كلموه في رجل يقضي عنه سبعمائة درهم دينا ، فكتب
__________________
(١) جصص أبوابهم : أي زخرف الحيطان بالنقوش الآن للحجاج في أغلب البلدان (هامش تاريخ بغداد).
(٢) تاريخ بغداد : وسروا.
(٣) من الحلوى ، فارسي معرب.
(٤) تاريخ بغداد والمطبوعة : وبلغنا.
(٥) الخبر في تاريخ الإسلام (١٨١ ـ ١٩٠) ص ٢٣٤ من طريق علي بن خشرم وصفة الصفوة ٤ / ١٤٢.
(٦) تاريخ بغداد ١٠ / ١٥٨ ـ ١٥٩.
(٧) مختصرا في تاريخ الإسلام (١٨١ ـ ١٩٠) ص ٢٣٤ وصفة الصفوة ٤ / ١٣٤.