إلى وكيله : إذا جاءك كتابي هذا وقرأته وفهمته فادفع إلى صاحب الكتاب سبعة آلاف درهم ، فلما ورد الكتاب على الوكيل والتفت (١) إلى الرجل فقال : أي شيء قصتك؟ قال : كلموه أن يقضي عني سبعمائة درهم ، فقال : الكتاب أصيب فيه غلطا ، ولكن اقعد موضعك حتى أجري عليك من مالي وأبعث إلى صاحبي ، وآمره (٢) فيك.
فكتب إلى عبد الله بن المبارك : أتاني كتابك وقرأته وفهمت ما ذكرت فيه ، وسألت صاحب الكتاب ، فذكر أنه كلّمك في سبعمائة درهم ، وهاهنا سبعة آلاف ، فإن يكن منك غلطا ، فاكتب إليّ حتى أعمل على حسب ذلك.
فكتب إليه : إذا أتاك كتابي وقرأته وفهمت ما ذكرت لك فيه ، فادفع إلى صاحب الكتاب أربعة عشر ألفا (٣) ، فأنفذ ما آمرك به ، وإن كنت أنا وكيلك فتعال (٤) إلى موضعي حتى أصير إلى موضعك ، فأنفذ ما تأمرني به.
أخبرنا أبو القاسم زاهر بن طاهر ، أنا أبو بكر البيهقي ، أنا أبو عبد الله الحافظ ، أخبرني أبو نصر بن عمر ، نا محمّد بن المنذر ، حدّثني إسحاق بن إبراهيم ، قال : سمعت هارون بن إسحاق يقول : سمعت حسين الجعفي يقول :
كان لعبد الله بن المبارك صديق يؤاخيه بالكوفة ، فقدم ابن المبارك الكوفة وهو محبوس بدين عليه ، فأمر ابن المبارك بأن تقضى عنه ديونه ، ويخرج من السجن.
قال البيهقي : وروينا قصة أخرى عن ابن المبارك في قضائه عن شاب بالرقّة كان عبد الله إذا دخلها اختلف إليه ، فقام بحوائجه عشرة آلاف درهم من غير علمه ، واستثنى (٥) منه من أمر بقضائه عنه ، وذلك في تاريخ النيسابوريين في ذكره مكتوب.
أخبرنا بها أبوا (٦) الحسن ، قالا : نا ـ وأبو النجم ، أنا ـ أبو بكر الخطيب (٧) ، أخبرني
__________________
(١) كذا بالأصل ، والأشبه : التفت ، بحذف الواو.
(٢) في المطبوعة : «فأؤامره» كلاهما بمعنى : أشاوره.
(٣) زيد بعدها في المطبوعة : فكتب إليه : إن كان على ذا الفعل تفعل ما أسرع ما تبيع الضيعة.
فكتب إليه عبد الله : إن كنت وكيلي.
(٤) بالأصل : فتعاليّ.
(٥) في المطبوعة : «واستقدامه» بدل : «واستثنى منه».
(٦) الأصل : أبو.
(٧) الخبر في تاريخ بغداد ١٠ / ١٥٩.