احتاجوا ، فإن تركناهم ضاع علمهم ، وإن أعنّاهم بثوا العلم لأمّة محمّد صلىاللهعليهوسلم ، ولا أعلم بعد النبوّة أفضل من بثّ (١) العلم.
أخبرنا أبو القاسم زاهر بن طاهر ، أنا أبو بكر البيهقي ، أنا أبو عبد الله الحافظ ، أنا أبو عمرو عثمان بن أحمد بن السّمّاك ، نا فتح بن شخرف العابد ، حدّثني عبّاس بن يزيد ، نا حبّان بن موسى قال :
عوتب ابن المبارك فيما يفرق المال في البلدان ، ولا يفعل في أهل بلده ، فقال : إنّي لأعرف مكان قوم لهم فضل وصدق ، طلبوا الحديث فأحسنوا الطلب للحديث وحاجة الناس إليهم شديدة ، وقد احتاجوا ، فإن تركناهم ضاع علمهم ، وإن أغنيناهم بثوا العلم لأمّة محمّد صلىاللهعليهوسلم ، ولا أعلم بعد النبوة درجة أفضل من بث (٢) العلم.
أخبرنا (٣) أبو عبد الله الحافظ ، أخبرني جعفر بن محمّد الخوّاص ، نا إبراهيم بن نصر المنصور (٤) ، قال : سمعت إبراهيم بن بشار خادم إبراهيم بن أدهم يقول (٥) : سمعت علي بن الفضيل يقول : سمعت أبي يقول لابن المبارك :
أنت تأمرنا بالزهد والتقلل والبلغة ، ونراك تأتي بالبضائع من بلاد خراسان إلى البلد الحرام ، كيف ذا ، وأنت تأمرنا بخلاف ذا؟ فقال ابن المبارك : يا أبا علي ، أنا أفعل ذا لأصون بها وجهي (٦) ، وأكرم بها عرضي ، وأستعين بها على طاعة ربّي ، لا أرى لله حقا إلّا سارعت إليه حتى أقوم به ، فقال له الفضيل : يا ابن المبارك ، ما أحسن ذا إن تمّ ذا.
أخبرنا أبوا (٧) الحسن ، قالا : نا ـ وأبو النجم ، أنا ـ أبو بكر الخطيب (٨) ، أنا القاضي أبو محمّد الحسن بن الحسين بن رامين الأستراباذي ، نا عبد الرّحمن بن محمّد بن جعفر الجرجاني ، نا السراج وهو أبو العبّاس محمّد بن إسحاق النيسابوري ، قال : سمعت إبراهيم بن بشّار يقول : حدّثني علي بن الفضيل قال : سمعت أبي وهو يقول لابن المبارك :
__________________
(١) الأصل : «رتب» والمثبت عن تاريخ بغداد وتاريخ الإسلام وتهذيب الكمال.
(٢) الأصل : «رتب» والمثبت عن تاريخ بغداد وتاريخ الإسلام وتهذيب الكمال.
(٣) كذا ، وفي المطبوعة : «قال : وأنا أبو».
(٤) كذا ورد اسمه بالأصل ، وفي المطبوعة : إبراهيم بن منصور المنصوري.
(٥) الخبر في تهذيب الكمال ١٠ / ٤٧٥ من طريق إبراهيم بن بشار.
(٦) تهذيب الكمال : عرضي.
(٧) بالأصل : أبو.
(٨) تاريخ بغداد ١٠ / ١٥٩ ـ ١٦٠.