أخبرنا أبو نصر أحمد بن عبد الله بن رضوان ، وأبو علي بن السّبط ، وأبو غالب بن البنّا ، قالوا : أنا أبو محمّد الجوهري ، أنا أبو بكر بن مالك ، نا بشر بن موسى ، نا هوذة بن خليفة ، نا عوف ، عن سيّار (١) أبي الحكم ، عن بعض الأشعريين عن الأشعري قال :
بعثني رسول الله صلىاللهعليهوسلم ومعاذ بن جبل إلى اليمن ، فقال لنا فيما يوصينا : «تطاوعا جميعا ، ويسّرا ولا تعسّرا ، وبشّرا ولا تنفّرا» ، فلما ذهبنا نفصل من عنده قال : ـ وكنت أعلم بالأرض التي آتي من صاحبي ـ فقلت : يا رسول الله ، إنّك تبعثنا إلى أرض بها أشربة منها : البتع (٢) من العسل ، فيشتد حتى يسكر ، والمزر (٣) من الشعير والذرة فيشتد حتى يسكر ـ قال : وأعطي رسول الله صلىاللهعليهوسلم جوامع الكلم ـ فقال : «إنّي إنّما أحرم المسكر الذي يسكر عن الصلاة» قال : فلما قدما الأرض نزلا في منزلين شتى ، فراح معاذ إلى الأشعري ، فإذا بين يديه رجل مصبور فقال : ما شأن هذا؟ قال : هذا رجل كان مسلما فارتد عن الإسلام قال : فقال : ما أن بقاعد حتى يقبل حكم الله وحكم رسوله ، قال : فلما جلس قال أحدهما لصاحبه : كيف نفعل في هذا الليل؟ قال : أنام أوّل الليل نومة ، ثم أصيب بعد ذلك من الليل ما شاء الله ، وأنا احتسبت في نومتي تلك مثل ما أصبت من الليل ، قال الآخر : كيف تصنع أنت؟ قال : أصيب من الليل ما شاء الله أن أصيب ، فما فرّطت فيه من الليل استدركته ، وقال ابن السبط : استدركت بالنهار.
أخبرنا أبو غالب محمّد بن الحسن ، أنا أبو الحسن السيرافي (٤) ، أنا أحمد بن إسحاق ، نا أحمد بن عمران ، نا موسى ، نا خليفة (٥) ، قال : في تسمية عمّال النبي صلىاللهعليهوسلم : ولي أبو موسى (٦) الأشعري زبيد ، ورمع (٧) ، وعدن ، والساحل (٨).
__________________
(١) بالأصل : «سنان» خطأ ، والصواب ما أثبت عن ل ، ومرّ التعريف به.
(٢) البتع والبتع : نبيذ يتخذ من عسل كأنه الخمر صلابة. (اللسان وتاج العروس بتحقيقنا : مزر).
(٣) المزر : نبيذ الشعير والحنطة والحبوب ، وقيل نبيذ الذرة خاصة (تاج العروس بتحقيقنا : مزر).
(٤) في المطبوعة : «أخبرنا أبو غالب محمد بن الحسن السيرافي» خطأ.
(٥) تاريخ خليفة بن خيّاط ص ٩٧.
(٦) في تاريخ خليفة ول : وولى أبا موسى.
(٧) رمع : بكسر أوله وفتح ثانيه وعين مهملة : موضع باليمن ، وقيل : جبل باليمن ، وقال نصر : رمع قرية أبي موسى ببلاد الأشعريين من اليمن قرب غسان وزبيد (معجم البلدان).
(٨) زيد في ل : آخر التاسع والستين بعد الثلاثمائة.
يتلوه : أنا أبو عبد الله (الحسين) بن عبد الملك ، أنا إبراهيم بن منصور ، أنا أبو بكر بن المقرئ ، نا أبو عروبة.
وكتب على الصفحة التالية من ل :
الجزء السبعون بعد الثلاثمائة من كتاب تاريخ مدينة دمشق حماها الله تعالى وذكر فضلها وتسمية من حلها من الأمائل واجتاز بنواحيها من وارديها وأهلها.