أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِها وَصَلِّ عَلَيْهِمْ) ـ أي استغفر لهم ـ (إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ)(١)(وَآخَرُونَ مُرْجَوْنَ لِأَمْرِ اللهِ إِمَّا يُعَذِّبُهُمْ وَإِمَّا يَتُوبُ عَلَيْهِمْ)(٢) كان ممن خلّف عن التوبة وأرجى : كعب بن مالك ، ومرارة ربيع (٣) ، وهلال بن أمية (٤) ، فأرجوا أربعين يوما فخرجوا وضربوا فساطيطهم ، واعتزلهم نساؤهم ، ولم ينزلوهم المسلمين (٥) ولم يتبرّوا منهم ، فنزل فيهم (وَعَلَى الثَّلاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذا ضاقَتْ) إلى قوله : (التَّوَّابُ الرَّحِيمُ)(٦) فبعثت أم سلمة إلى كعب فبشرته [١٠٦٤٩].
أخبرنا أبو القاسم بن الحصين ، أنبأنا أبو علي الحسن بن علي ، أنبأنا أحمد بن جعفر ، حدّثنا عبد الله بن أحمد ، حدّثني أبي (٧) ، حدّثنا يعقوب بن إبراهيم ، حدّثنا ابن أخي الزّهري محمّد بن عبد الله ، عن عمّه محمّد بن مسلم الزّهري ، أخبرني (٨) عبد الرّحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك أن عبيد الله (٩) بن كعب بن مالك ـ وكان قائد كعب من بنيه حين عمي ـ قال :
سمعت كعب بن مالك يحدّث حديثه حين تخلّف عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم في غزوة تبوك فقال كعب بن مالك : لم أتخلف عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم في غزوة قط إلّا في غزوة تبوك ، غير أني كنت تخلّفت في غزوة بدر ، ولم يعاتب أحد (١٠) تخلّف عنها إنّما خرج رسول الله صلىاللهعليهوسلم يريد عير قريش حتى جمع الله بينهم وبين عدوّهم على غير ميعاد ، ولقد شهدت مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم ليلة العقبة حين توافقنا على الإسلام ، وما أحبّ أن لي بها مشهد بدر ، وإن كانت بدر أذكر في الناس منها [وأشهر](١١) وكان من خبري حين تخلّفت عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم في غزوة تبوك أنّي لم أكن قط أقوى ولا أيسر مني حين تخلّفت عنه في تلك الغزوة (١٢) ، والله ما جمعت قبلها راحلتين قط حتى جمعتهما في تلك الغزوة ، وكان رسول الله صلىاللهعليهوسلم قلّما يريد غزوة يغزوها إلّا ورّى بغيرها
__________________
(١) سورة التوبة ، الآية : ١٠٣.
(٢) سورة التوبة ، الآية : ١٠٦.
(٣) هو مرارة بن الربيع ، وقيل : ربيعة ، ترجمته في أسد الغابة ٤ / ٣٥٨.
(٤) ترجمته في أسد الغابة ٤ / ٦٣٠.
(٥) كذا بالأصل وم و «ز» : ينزلوهم المسلمين.
(٦) سورة التوبة ، الآية : ١١٨.
(٧) رواه أحمد بن حنبل في مسنده ٥ / ٣٥٠ وما بعدها رقم ١٥٧٨٩ طبعة دار الفكر.
(٨) أقحم بعدها بالأصل : «عن».
(٩) كذا بالأصل وم و «ز» ، وفي المسند والمختصر : عبد الله.
(١٠) في المسند : أحدا.
(١١) الزيادة عن المسند.
(١٢) هنا ، وفيما يلي في المسند : الغزاة.