يسركنا إلى اسطنبول على القانون ، وأراد أن يقيم فى تدبير الاستيلاء على إقليم العجم واليمن من تلك البلاد على الوجه الأتم ، فما أمكنه ذلك لكثرة القحط ، واستيلاء الغلا ، بحيث يبعث العليقة بما أتى درهم ويبيع الرغيف بمائة درهم ؛ وسبب ذلك أن القوافل التى كانت أعدها السلطان سليم لأن تتبعه بالميرة والعليق والمون ؛ تخلفت عنه فى مكان الاحتياج إليها ، فما وجدوا فى تبريز شيءئا من الماء كولات والجنوب لأن شاه إسماعيل عند انكساره أمر بإحراق والشعير وغير ذلك.
واضطر السلطان سليم إلى العود من تبريز إلى بلاد الروم ويتركها خالية خاوية على عروشها ، ثم تفحص عن سبب انقطاع القوافل عنه ، فأخبر أن سبب ذلك سلطان مصر قانصوه الغورى ، فإنه كان بينه وبين شاه إسماعيل محبة ومودة ومراسلات ، بحيث كان يتهم بالرقص فى عقيدته بسبب ذلك.
فلما ظهر للسلطان سليم خان أن الغورى هو الذى أمر بقطع القوافل عنه صمم على قتال السلطان الغورى أولا ، وبعده الاستيلاء عليه وعلى بلاده ، يتوجه إلى شاه إسماعيل ، فلما استقر ركاب السلطنة الشريفة العثمانية فى تخت ملكه الشريف تهيأ لأخذ مصر وإزالة دولة الجراكسة وتوجه بعسكره الجرار ناحية حلب فى سنة ٩٢٣ ه ، وخرج إلى قتاله قانصوه الغورى بجميع عساكره من الجراكسة وغيرهم.
وتلاقى العسكران قرب حلب بمرج دابق ، وكان الغورى يتوهم ويخاف على نفسه من ملك أمير أخير بيك وجان بردى بك الغزالى ، وكان يكرهانه فى الباطن ويكرهما كذلك فأمرهما أن يتقدما لقتال السلطان سليم وجعلهما وعسكرها حجابا أمامه.
ووقف الغورى بخواص عسكره الذى يعتمد عليهم من الجلبان الذيبن أراد أن يقدمهم خلف خير بك والغزالى ، وقصد بذلك أن يقتلا بالبنادق والصربزن فى أول مرة ، ثم ييسلم هو ومن معه ، وتقطن خير بك والغزالى وكانا أرسلا إلى السلطان سليم وطلبا منه كتاب الأمان وتوثقا منه لا يقتلهما ، بل يكرمهما