وأقام بحلب أياما يسيرة وهو على المنبر فأحسن إليه إحسانا كثيرا ، وهو يمهد الملك ويجرى أحكام العدل ويحسن إلى العرب ، ثم ارتحل بالجيش المنصور إلى الشام ، فخرج أهل الشام إلى لقائه ، وطلبوا منه الأمن والأمان واللطف والرحمة والاطمئنان ، فأجابهم إلى ما سألوه وبسط لهم ما طلبوه وأملوه فقبلوا الأرض بين يديه وبالغوا بالدعاء بدوام دولته والثناء عليه ، فخلع على كل من يستحق التشريف خلع الرضا والإكرام وألبسهم التشاريف الفاخرة كل بحسب حاله واستحقاقه.
ودخل إلى الشام بموكبه الكريمة وأقام به لتمهيد أمور المملكة برأيه الشريف القويم وخطب له الخطباد ، فخلع عليهم وأكرمهم وأحسن إليهم ، وقابل الناس بسن ضاحك ووجه متهلل مسرور أو جبينا أغر يملأ الأرجاء ضياء ونورا وأمر بعمارة قبة الشيخ الأكبر الأحمر مولانا الشيخ محيى الدين بن عربى رضياللهعنه ورتب عليه أوقافا كثيرة ، وعمل له مطبخا يطبخ فيه الطعام الفقر الشيخ المرحوم ، وجعل عليها متوليا وناظرا بجميع الريع والأوقاف ويصرفه فى جهات الخير ، ونظره من أعم الأنظار وبلاد الشام إلى الآن وما يسر الله تعالى أجرا مثل هذا الخير العظيم لأحد من ملوك الجراكسة ولا من كان قبلهم.
ولا شك أن روحانية الشيخ رضياللهعنه هى التى جلست السلطان سليم (طيب الله ثراه) إلى سلطنة بلاد العرب وحصل له الإمداد العظيم بالبركة والنصر والتأييد فى حصول ما أمله وطلبه.
وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء ، وينزع الملك ممن يشاء بيده الخير وهو على كل شىء قدير ، واستمر السلطان سليم خان بأرض الشام إلى مهد أمورها وضبط حصونها وقصورها ، ثم توجه إلى افتتاح إقليم مصر ، وأزال البؤس عنها والأصر ، ولما وصل إلى خان يونس قبل فيه الوزير المعظم حسام باشا وكان من أهل الخير ، وله عمارة فى آف شهر يخرج منها الطعام للمسافرين دائما ، واستمر السلطان سليم متوجها إلى مصر ، فوصل إلى بلاد غرة ، ثم عدل عنها بمفرده إلى زيارة القدس والخيل فى نفر قليل بقصد الزيارة ، فأحسن