وغسل المرحوم السلطان سليمان وحنط وكفن ، وأنشد لسان الاعتبار :
انظر لمن ملك الدنيا بأجمعها |
|
هل راح منها سوى بالقطن والكفن |
ووضع فى تابوته على العجلة ، وساروا به بسرعة وعجلة ، وهو ممن يليق أن ينشد فيه:
كم قلت للرجل المولى غسله |
|
هل لا أطعت وكنت من نصائحه |
حسه مال ثم حنطه بما |
|
ذرفت عيون المجد عند بكائه |
وأزال أقويه الحنوط ونحها |
|
عنه وحنطه بماء سحابه |
ومن الملائكة الكرام بحمله |
|
فلطالما حملت من نعمائه |
واستمر محمولا إلى أن أتوابه إلى أسطنبول ، وخرج إلى استقباله جميعي العلماء والموالى العظام ، والمشايخ الأتقياء الكرام ، وسائر أصناف الأنام ، وبكوا عليه بكاءا طويلا ، وأكثروا نحيبا وعويلا ، وصلوا عليه ، وأمهم فى صلاة الجنازة المفتى الأعظم مولانا أبو السعود أفندى ، عالم بلاد الإسلام ، ودفن فى تربة أعدها لنفسه (رحمهالله تعالى).
ورثاه الشعراء بكل قصيدة طنانة ، صار بها الركبان ، أعظمها وأحسنها ، قصيدة المفتى المذكور ، وهى طويلة ، حذفت بعضها روما للاختصار ، وأثبت مختارها بحسن الاختيار ، وهو قوله (رحمهالله تعالى) :
أصوت صاعقة أم نفخة الصور |
|
فالأرض قد ملئت من نقر ناقور |
أصاب منها الورى دهيا واهية |
|
وذاق منها البرايا صعقة الطور |
تهدمت بقعة الدنيا لوقعتها |
|
وانهد ما كان من دور ومن سور |
أمسى معالمها يتما مقفرة |
|
ما فى المنازل من دار وديور |
تصدعت قبل الأطود وارتعدت |
|
كأنها قلب مرعوب ومذعور |
وأغبر ناسية الخضراء وانكدرت |
|
وكاد يمتلئ الغبراء بالمسور |
فمن كئيب وملهوف ومن دنق |
|
عان بسلسلة الأحزان مأسور |