لمراده ، ولا راد ، وهو على كل شىء قدير ، فساروا تارة بالقلوع ، وتارة بالكورك على ظهر ذلك البحر الواسع ، إلى أن ظهرت لهم فى اليوم الثامن جبال قلادرية ، واستمروا كذلك إلى أن وصلوا وقت الظهر ، يوم التاسع إلى طرق حصار ، وهو حصا منيع للكفار على ساحل البحر ، فلما وصلت العساكر المنصورة الإسلامية إلى ذلك المكان ، جاءتهم الكفار الملاعين ؛ فدهكهم العسكر المنصور دهكا ، ودكوا تحت أرجلهم الأرض دكا ؛ فهربت الكفار إلى قلعة حصينة تسمى سحة ، ووقع قتال عظيم ، استشهد فيه من رزق سعادة الشهادة ؛ فأعطاه الله تعالى فى جهاده الحسنى وزيادة ، منهم كتخدا حضرة القبودان سنجق فرح محمد بيك ، نزل من سفينته ، مشتاقا إلى الجهاد فى سبيل الله ؛ فأصابته بندقة فى خده ، نفذت من الجانب الآخر ، استمر بها صاحب فراش ، خمسة أيام ، تلت عليه الملائكة : (وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْواتاً بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ)(١) ، فانتقل إلى رحمة الله تعالى ، شهيدا ، ومضى إلى دار الآخرة سعيدا ، ثم رمى وقت المغرب مدافع الأعلام الغزاة ، بالعود إلى سفائنهم للمسير ؛ فحضروا وركبوا ؛ فرفعت القلاع ، وصاروا تارة برفع القلاع ، وتارة بالكورك إلى أن وصلوا فى اليوم الرابع عشر إلى مدينة مسينة ، استقر بها قليلا عسكر المسلمين ، ثم ساروا ، فلما وصلوا إلى محاذات حصار سرادون ؛ حصلت فرنونه فى البحر تفرقت بسببها السفائن ، من الضحى إلى آخر النهار ، ثم اجتمعت وقت العشاء فى محل يقال له : كركرتم ، مروا بقلل أياث ؛ فحوصرت وهدمت قلعتها ، وقتل من بها ، ثم ساروا فلاحت قلعة أولاد ، وصل إليها بعض العسكر المنصور ، ونهبوا ما وجدوا بها من الذخائر ، وقتلوا من ظفروا به من النصارى ، وعادوا إلى سفائنهم ، وصاروا ينزلون لأخذ السفينة كل يوم ، إلى جانب من ساحل صجله.
وكلما وصلت يدهم إليه من نهب أو غارة ، وقتل لطائفة الكفار ، بادروا
__________________
(١) الآية رقم ١٦٩ من سورة آل عمران ، مدنية.