لقال : قال نملة ، وكلام النحاة على خلافه ، وأنه لا يخبر عنه إلا إخبار المؤنث ، سواء كان ذكرا أم أنثى. وأما تشبيه الزمخشري النملة بالحمامة والشاة ، فبينهما قدر مشترك ، وهو إطلاقهما على الذكر والمؤنث ، وبينهما فرق ، وهو أن الحمامة والشاة يتميز فيهما المذكر من المؤنث ، فيمكن أن تقول : حمامة ذكر وحمامة أنثى ، فتميز بالصفة. وأما تمييزه بهو وهي ، فإنه لا يجوز. لا تقول : هو الحمامة ، ولا هو الشاة ؛ وأما النملة والقملة فلا يتيمز فيه المذكر من المؤنث ، فلا يجوز فيه في الإخبار إلا التأنيث ، وحكمه حكم المؤنث بالتاء من الحيوان العاقل نحو : المرأة ، أو غير العاقل كالدابة ، إلا أن وقع فصل بين الفعل وبين ما أسند إليه من ذلك ، فيجوز أن تلحق العلامة الفعل ، ويجوز أن لا تلحق ، على ما قرر ذلك في باب الإخبار عن المؤنث في علم العربية.
وقرأ الحسن ، وطلحة ، ومعتمر بن سليمان ، وأبو سليمان التيمي : نملة ، بضم الميم كسمرة ، وكذلك النمل ، كالرجلة والرجل لعتان. وعن سليمان التيمي : نمل ونمل بضم النون والميم ، وجاء الخطاب بالأمر ، كخطاب من يعقل في قوله : (ادْخُلُوا) وما بعده ، لأنها أمرت النمل كأمر من يعقل ، وصدر من النمل الامتثال لأمرها. وقرأ شهر بن حوشب : مسكنكم ، على الإفراد. وعن أبيّ : أدخلن مساكنكن لا يحطمنكم : مخففة النون التي قبل الكاف. وقرأ الحسن ، وأبو رجاء ، وقتادة ، وعيسى بن عمر الهمداني ، الكوفي ، ونوح القاضي : بضم الياء وفتح الحاء وشد الطاء والنون ، مضارع حطم مشددا. وعن الحسن : بفتح الياء وإسكان الحاء وشد الطاء ، وعنه كذلك مع كسر الحاء ، وأصله : لا يحتطمنكم من الاحتطام. وقرأ ابن أبي إسحاق ، وطلحة ، ويعقوب ، وأبو عمرو في رواية عبيد : كقراءة الجمهور ، إلا أنهم سكنوا نون التوكيد. وقرأ الأعمش : بحذف النون وجزم الميم ، والظاهر أن قوله : (لا يَحْطِمَنَّكُمْ) ، بالنون خفيفة أو شديدة ، نهي مستأنف ، وهو من باب : لا أرينك هاهنا ، نهت غير النمل ، والمراد النمل ، أي لا تظهروا بأرض الوادي فيحطمكم ، ولا تكن هنا فأراك. وقال الزمخشري : فإن قلت : لا يحطمنكم ما هو؟ قلت : يحتمل أن يكون جوابا للأمر ، وأن يكون هنا بدلا من الأمر ، والذي جوز أن يكون بدلا منه ، لأنه في معنى لا تكونوا حيث أنتم فيحطمنكم على طريقة لا أرينك هاهنا ، أرادت لا يحطمنكم جنود سليمان ، فجاءت بما هو أبلغ ونحوه : عجبت من نفسي ومن إشفاقها. انتهى. وأما تخريجه على أنه أمر ، فلا يكون ذلك إلا على قراءة الأعمش ، إذ هو مجزوم ، مع أنه يحتمل أن يكون استئناف نفي ، وأما مع وجود نون التوكيد ، فإنه لا يجوز ذلك إلا إن كان في الشعر.