عكرمة : ليس شيء خيرا من لا إله إلا الله ، يريد أنها ليست أفعل التفضيل. وقيل : أفعل التفضيل. فقال الزمخشري : (فَلَهُ خَيْرٌ مِنْها) ، يريد الإضعاف ، وأن العمل ينقضي والثواب يدوم ، وشتان ما بين فعل العبد وفعل السيد. انتهى. وقوله : وشتان ما بين فعل العبد وفعل السيد ، تركيب مختلف فيه ، فبعض العلماء منعه ، والصحيح جوازه. وقال ابن عطية : يحتمل أن يكون للتفضيل ، ويكون في قوله : (مِنْها) ، حذف مضاف تقديره : خير من قدرها واستحقاقها ، بمعنى : أن الله تعالى تفضل عليه فوق ما تستحق حسنته. قال ابن زيد : يعطى بالواحدة عشرا ، والداعية إلى هذا التقدير أن الحسنة لا يتصور بينها وبين الثواب تفضيل. انتهى. وقيل : ثواب المعرفة الحاصلة في الدنيا هي المعرفة الضرورية الحاصلة في الآخرة ، ولذة النظر إلى وجهه الكريم. وقد دلت الدلائل على أن أشرف السعادات هي هذه اللذة ، ولو لم تحمل الآية على ذلك ، لزم أن يكون الأكل والشرب خيرا من معرفة الله تعالى ، وذلك لا يكون.
وقرأ الكوفيون : (مِنْ فَزَعٍ) ، بالتنوين ، (وَيَوْمَئِذٍ) ، منصوب على الظرف معمول لقوله : (آمِنُونَ) ، أو لفزع. ويدل على أنه معمول له قراءة من أضافه إليه ، أو في موضع الصفة لفزع ، أي كائن في ذلك الوقت. وقرأ باقي السبعة : بإضافة فزع إلى يومئذ ؛ فكسر الميم العربيان ، وابن كثير ، وإسماعيل بن جعفر ، عن نافع ، وفتحها ، بناء لإضافته إلى غير متمكن ؛ نافع ، في غير رواية إسماعيل. والتنوين في يومئذ تنوين العوض ، حذفت الجملة وعوض منها ، والأولى أن تكون الجملة المحذوفة ما قرب من الظرف ، أي يوم ، إذ جاء بالحسنة ، ويجوز أن يكون التقدير : يوم إذ ترى الجبال ، ويجوز أن يكون التقدير : يوم إذ ينفخ في الصور ، ولا سيما إذا فسر بأنه نفخ القيام من القبور للحساب ، ويكون الفزع إذ ذاك واحدا. وقال أبو عليّ ما معناه : من فزع ، بالتنوين ، أو بالإضافة ، ويجوز أن يراد به فزع واحد ، وأن يراد به الكثرة ، لأنه مصدر. فإن أريد الكثرة ، شمل كل فزع يكون في القيامة ، وإن أريد الواحد ، فهو الذي أشير إليه بقوله : (لا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ) (١).
وقال الزمخشري : فإن قلت : ما الفرق بين الفزعين؟ قلت : الفزع الأول : ما لا يخلو منه أحد عند الإحساس بشدة نفع ، وهو يفجأ من رعب وهيبة ، وإن كان المحسن يأمن لحاق الضرر به. والثاني : الخوف من العذاب. انتهى. والسيئة : الكفر والمعاصي ممن حتم الله عليه من أهل المشيئة بدخول النار. وخصت الوجوه ، إذ كانت أشرف الأعضاء ،
__________________
(١) سورة الأنبياء : ٢١ / ١٠٣.