الكاف للتعليل ، أي أحسن لأجل إحسان الله إليك. (وَلا تَبْغِ الْفَسادَ) : أي ما أنت عليه من البغي والظلم. (عَلى عِلْمٍ) ، علم : مصدر ، يحتمل أن يكون مضافا إليه ومضافا إلى الله. فقال الجمهور : ادّعى أن عنده علما استوجب به أن يكون صاحب تلك الكنوز. فقيل : علم التوراة وحفظها ، وكان أحد السبعين الذين اختارهم موسى للميقات ، وكانت هذه مغالطة. وقال أبو سليمان الداني : أي علم التجارة ووجوه المكاسب ، أي أوتيته بإدراكي وسعيي. وقال ابن المسيب : علم الكيمياء ، قال ابن المسيب : وكان موسى عليهالسلام يعلم الكيمياء ، وهي جعل الرصاص والنحاس ذهبا. وعن ابن عباس : على علم الصنعة الذهب ، ولعل ذلك لا يصح عنه ولا عن ابن المسيب. وأنكر الزجاج علم الكيمياء وقال : باطل لا حقيقة له. انتهى.
وكثيرا ما تولع أهل مصر بطلب أشياء من المستحيلات والخرافات ؛ من ذلك : تغوير الماء ، وخدمة الصور الممثلة في الجدر خطوطا ، وادعائهم أن تلك الخطوط تتحرك إذا خدمت بأنواع من الخدم لهم ، والكيمياء ؛ حتى أن مشايخ العلم عندهم ، الذين هم عندهم بصورة الولاية ، يتطلب ذلك من أجهل وارد من المغاربة. وقال ابن زيد وغيره : أراد : (أُوتِيتُهُ عَلى عِلْمٍ) من الله وتخصيص من لدنه قصدني به ، أي فلا يلزمني فيه شيء مما قلتم ، ثم جعل قوله : (عِنْدِي) ، كما يقول : في معتقدي وعلى ما أراه. وقال مقاتل : (عَلى عِلْمٍ) ، أي على خير علمه الله عندي. والظاهر أن قوله : (أَوَلَمْ يَعْلَمْ) ، تقرير لعلمه ذلك ، وتنبيه على خطئه في اغتراره ؛ أي قد علم أن الله قد أهلك من القرون قبله من هو أقوى منه وأغنى ، لأنه قد قرأه في التوراة ، وأخبر به موسى ، وسمعه في التواريخ ، كأنه قيل : أو لم يعلم في جملة ما عنده من العلم؟ هذا حتى لا يغتر بكثرة ماله وقوته. قال الزمخشري : ويجوز أن يكون نعتا لعلمه بذلك ، لأنه لما قال : (أُوتِيتُهُ عَلى عِلْمٍ عِنْدِي) ، فتنفح بالعلم وتعظم به ، قيل : أعنده مثل ذلك العلم الذي ادعاه؟ وأرى نفسه به مستوجبة لكل نعمة ، ولم يعلم هذا العلم النافع حتى يقي نفسه مصارع الهالكين. انتهى. (وَأَكْثَرُ جَمْعاً) ، إما للمال ، أو جماعة يحوطونه ويخدمونه. قال ابن عطية : (أَوَلَمْ يَعْلَمْ) ، يرجح أن قارون تشبع بعلم نفسه على زعمه.
وقرأ الجمهور : (وَلا يُسْئَلُ) ، مبنيا للمفعول و (الْمُجْرِمُونَ) : رفع به ، وهو متصل بما قبله ، قاله محمد بن كعب. والضمير في (ذُنُوبِهِمُ) عائد على من أهلك من القرون ، أي لا يسأل غيرهم ممن أجرم ، ولا ممن لم يجرم ، عمن أهلكه الله ، بل : (كُلُّ نَفْسٍ بِما