على مذهب من يجيز ذلك. (لِلْمُحْسِنِينَ) : الذين يعملون الحسنات ، وهي التي ذكرها. كإقامة الصلاة ، وإيتاء الزكاة ، والإيقان بالآخرة ، ونظيره قول أوس :
الألمعي الذي يظن بك ال |
|
ظن كأن قد رأى وقد سمعا |
حكي عن الأصمعي أنه سئل عن الألمعي فأنشده ولم يزد ، وخص المحسنون ، لأنهم هم الذين انتفعوا به ونظروه بعين الحقيقة. وقيل : الذين يعملون بالحسن من الأعمال ، وخص منهم القائمون بهذه الثلاثة ، لفضل الاعتداد بها. ومن صفة الإحسان ما جاء في الحديث من أن الإحسان : «أن تعبد الله كأنك تراه». وقيل : المحسنون : المؤمنون. وقال ابن سلام : هم السعداء. وقال ابن شجرة : هم المنجحون. وقيل : الناجون ، وكرر الإشارة إليهم تنبيها على عظم قدرهم. ولما ذكر من صفات القرآن الحكمة ، وأنه هدى ورحمة ، وأن متبعه فائز ، ذكر حال من يطلب من بدل الحكمة باللهو ، وذكر مبالغته في ارتكابه حتى جعله مشتريا له وباذلا فيه رأس عقله ، وذكر علته وأنها الإضلال عن طريق الله.
ونزلت هذه الآية في النضر بن الحارث ، كان يتجر إلى فارس ، ويشتري كتب الأعاجم ، فيحدث قريشان بحديث رستم واسفندار ويقول : أنا أحسن حديثا. وقيل : في ابن خطل ، اشترى جارية تغني بالسب ، وبهذا فسر (لَهْوَ الْحَدِيثِ) : المعازف والغناء. وفي الحديث من رواية أبي أمامة ، أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «شراء المغنيات وبيعهم حرام» ، وقرأ هذه الآية. وقال الضحاك : (لَهْوَ الْحَدِيثِ) : الشرك. وقال مجاهد ، وابن جريج : الطبل ، وهذا ضرب من آلة الغناء. وقال عطاء : الترهات. وقيل : السحر. وقيل : ما كان يشتغل به أهل الجاهلية من السباب. وقال أيضا : ما شغلك عن عبادة الله ، وذكره من السحر. والأضاحيك والخرافات والغناء. وقال سهل : الجدال في الدين والخوض في الباطل ، والظاهر أن الشراء هنا مجاز عن اختيار الشيء ، وصرف عقله بكليته إليه. فإن أريد به ما يقع عليه الشراء ، كالجواري المغنيات عند من لا يرى ذلك ، وككتب الأعاجم التي اشتراها النضر ؛ فالشراء حقيقة ويكون على حذف ، أي من يشتري ذات لهو الحديث. وإضافة لهو إلى الحديث هي لمعنى من ، لأن اللهو قد يكون من حديث ، فهو كباب ساج ، والمراد بالحديث : الحديث المنكر. وقال الزمخشري : ويجوز أن تكون الإضافة بمعنى من التبعيضية ، كأنه قال : ومن الناس من يشتري بعض الحديث الذي هو اللهو منه. انتهى.
وقرأ ابن كثير ، وأبو عمرو : ليضل بفتح الياء ، وباقي السبعة : بضمها. قال