إشارة إلى أن أزواجه اللواتي تقدم النص عليهن بالتحليل ، فيأتي الكلام مثبتا مطردا أكثر من اطراده على التأويل الآخر.
(وَبَناتِ عَمِّكَ) ، قالت أم هانىء ، بنت أبي طالب : خطبني رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فاعتذرت إليه فعذرني ، ثم نزلت هذه الآية فحرمتني عليه ، لأني لم أهاجر معه ، وإنما كنت من الطلقاء. والتخصيص ب (اللَّاتِي هاجَرْنَ مَعَكَ) ، لأن من هاجر معه من قرابته غير المحارم أفضل من غير المهاجرات. وقيل : شرط الهجرة في التحليل منسوخ. وحكى الماوردي في ذلك قولين : أحدهما : أن الهجرة شرط في إحلال الأزواج على الإطلاق. والثاني : أنه شرط في إحلال قرابات المذكورات في الآية دون الأجنبيات ، والمعية هنا : الاشتراك في الهجرة لا في الصحبة فيها ، فيقال : دخل فلان معي وخرج معي ، أي كان عمله كعملي وإن لم يقترنا في الزمان. ولو قلت : فرجعنا معا ، اقتضى المعنيان الاشتراك في الفعل ، والاقتران في الزمان. وأفرد العم والخال لأنه اسم جنس ، والعمة والخالة كذلك ، وهذا حرف لغوي قاله أبو بكر بن العربي القاضي.
(وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً) ، قال ابن عباس ، وقتادة : هي ميمونة بنت الحارث. وقال علي بن الحسين ، والضحاك ، ومقاتل : هي أم شريك. وقال عروة ، والشعبي : هي زينب بنت خزيمة ، أم المساكين ، امرأة من الأنصار. وقال عروة أيضا : هي خولة بنت حكيم بن الأوقص السلمية. واختلف في ذلك. فعن ابن عباس : لم يكن عند رسول الله صلىاللهعليهوسلم أحد منهن بالهبة. وقيل : الموهبات أربع : ميمونة بنت الحارث ، ومن ذكر معها قبل. وقرأ الجمهور : (وَامْرَأَتَ) ، بالنصب ؛ (إِنْ وَهَبَتْ) ، بكسر الهمزة : أي أحللناها لك. (إِنْ وَهَبَتْ) ، (إِنْ أَرادَ) ، فهنا شرطان ، والثاني في معنى الحال ، شرط في الإحلال هبتها نفسها ، وفي الهبة إرادة استنكاح النبي ، كأنه قال : أحللناها لك إن وهبت لك نفسها ، وأنت تريد أن تستنكحها ، لأن إرادته هي قبوله الهبة وما به تتم ، وهذان الشرطان نظير الشرطين في قوله : (وَلا يَنْفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدْتُ أَنْ أَنْصَحَ لَكُمْ ، إِنْ كانَ اللهُ يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ) (١). وإذا اجتمع شرطان ، فالثاني شرط في الأول ، متأخر في اللفظ ، متقدم في الوقوع ، ما لم تدل قرينة على الترتيب ، نحو : إن تزوجتك أو طلقتك فعبدي حر. واجتماع الشرطين مسألة فيها خلاف وتفصيل ، وقد استوفينا ذلك في (شرح التسهيل) ، في باب الجوازم. وقرأ أبو
__________________
(١) سورة هود : ١١ / ٣٤.