حيوة : وامرأة مؤمنة ، بالرفع على الابتداء ، والخبر محذوف : أي أحللناها لك. وقرأ أبي ، والحسن ، والشعبي ، وعيسى ، وسلام : أن بفتح الهمزة ، وتقديره : لأن وهبت ، وذلك حكم في امرأة بعينها ، فهو فعل ماض ، وقراءة الكسر استقبال في كل امرأة كانت تهب نفسها دون واحدة بعينها. وقرأ زيد بن علي : إذ وهبت ، إذ ظرف لما مضى ، فهو في امرأة بعينها.
وعدل عن الخطاب إلى الغيبة في النبي ، (إِنْ أَرادَ النَّبِيُ) ، ثم رجع إلى الخطاب في قوله : (خالِصَةً لَكَ) ، للإيذان بأنه مما خص به وأوثر. ومجيئه على لفظ النبي ، لدلالة على أن الاختصاص تكرمة له لأجل النبوة ، وتكريره تفخيم له وتقرير لاستحقاقه الكرامة لنبوته. واستنكاحها : طلب نكاحها والرغبة فيه. والجمهور : على أن التزويج لا يجوز بلفظ الإجارة ولا بلفظ الهبة. وقال أبو الحسن الكرخي : يجوز بلفظ الإجارة لقوله : (اللَّاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَ) ، وحجة من منع : أن عقد الإجارة مؤقت ، وعقد النكاح مؤبد ، فتنافيا. وذهب أبو حنيفة وصاحباه إلى جواز عقد النكاح بلفظ الهبة إذا وهبت ، فأشهد على نفسه بمهر ، لأن رسول الله وأمته سواء في الأحكام ، إلا فيما خصه الدليل. وحجة الجمهور : أنه ، عليهالسلام ، خص بمعنى الهبة ولفظها جميعا ، لأن اللفظ تابع للمعنى ، والمدعى للاشتراك في اللفظ يحتاج إلى دليل. وقرأ الجمهور : (خالِصَةً) ، بالنصب ، وهو مصدر مؤكد ، ك (وَعَدَ اللهُ) (١) ، و (صِبْغَةَ اللهِ) (٢) ، أي أخلص لك إخلاصا. (أَحْلَلْنا لَكَ) ، (خالِصَةً) بمعنى خلوصا ، ويجىء المصدر على فاعل وعلى فاعلة. وقال الزمخشري : والفاعل والفاعلة في المصادر على غير عزيزين ، كالخارج والقاعد والعاقبة والكاذبة.
انتهى ، وليس كما ذكر ، بل هما عزيزان ، وتمثيله كالخارج يشير إلى قول الفرزدق :
ولا خارج من في زور كلام
والقاعد إلى أحد التأويلين في قوله :
أقاعدا وقد سار الركب
والكاذبة إلى قوله تعالى : (لَيْسَ لِوَقْعَتِها كاذِبَةٌ) (٣). وقد تتأول هذه الألفاظ على أنها ليست مصادر. وقرئ : خالصة ، بالرفع ، فمن جعله مصدرا ، قدره ذلك خلوص لك ، وخلوص من دون المؤمنين. والظاهر أن قوله : (خالِصَةً لَكَ) من صفة الواهبة نفسها لك ، فقراءة
__________________
(١) سورة النساء : ٤ / ١٢٢.
(٢) سورة البقرة : ٢ / ١٣٨.
(٣) سورة الواقعة : ٥٦ / ٢.