النصب على الحال ، قاله الزجاج : أي أحللناها خالصة لك ، والرفع خبر مبتدأ : أي هي خالصة لك ، أي هبة النساء أنفسهنّ مختص بك ، لا يجوز أن تهب المرأة نفسها لغيرك. وأجمعوا على أن ذلك غير جائز لغيره ، عليهالسلام. ويظهر من كلام أبيّ بن كعب أن معنى قوله : (خالِصَةً لَكَ) يراد به جميع هذه الإباحة ، لأن المؤمنين قصروا على مثنى وثلاث ورباع. وقال الزمخشري : والدليل على أنها وردت في أثر الإحلالات الأربع مخصوصة برسول الله صلىاللهعليهوسلم ، على سبيل التوكيد لها قوله : (قَدْ عَلِمْنا ما فَرَضْنا عَلَيْهِمْ فِي أَزْواجِهِمْ وَما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ) ، بعد قوله : (مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ) ، وهي جملة اعتراضية. وقوله : (لِكَيْلا يَكُونَ عَلَيْكَ حَرَجٌ) متصل ب (خالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ) في الأزواج الإماء ، وعلى أي حد وصفه يجب أن يفرض عليهم ، ففرضه وعلم المصلحة في اختصاص رسول الله صلىاللهعليهوسلم بما اختصه به ، ففعل.
ومعنى (لِكَيْلا يَكُونَ عَلَيْكَ حَرَجٌ) : أي لكيلا يكون عليك ضيق في دينك ، حيث اختصصناك بالتنزيه ، واختصاص ما هو أولى وأفضل في دنياك ، حيث أحللنا لك أجناس المنكوحات ، وزدناك الواهبة نفسها ؛ ومن جعل خالصة نعتا للمرأة ، فعلى مذهبه هذه المرأة خالصة لك من دونهم. انتهى. والظاهر أن (لِكَيْلا) متعلق بقوله : (أَحْلَلْنا لَكَ أَزْواجَكَ). وقال ابن عطية : (لِكَيْلا يَكُونَ) ، أي بينا هذا البيان وشرحنا هذا الشرح لكي لا يكون عليك حرج ، ويظن بك أنك قد أثمت عند ربك ، ثم آنس جميع المؤمنين بغفرانه ورحمته. وقال الزمخشري : (غَفُوراً) للواقع في الحرج إذا تاب ، (رَحِيماً) بالتوسعة على عباده. انتهى ، وفيه دسيسة اعتزالية. (قَدْ عَلِمْنا ما فَرَضْنا عَلَيْهِمْ) الآية ، معناه : أن ما ذكرنا فرضك وحكمك مع نسائك ، وأما حكم أمتك فعندنا علمه ، وسنبينه لهم. وإنما ذكر هذا لئلا يحمل واحد من المؤمنين نفسه على ما كان للنبي صلىاللهعليهوسلم ، فإن له في النكاح والتسري خصائص ليست لغيره. وقال مجاهد : (ما فَرَضْنا عَلَيْهِمْ) ، هو أن لا يجاوزوا أربعا. وقال قتادة : هو الولي والشهود والمهر. وقيل : ما فرضنا من المهر والنفقة والكسوة. (وَما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ) ، قيل : لا يثبت الملك إلا إذا كانت ممن يجوز سبيها. وقيل : ما أبحنا لهم من ملك اليمين مع الأربع الحرائر من غير عدد محصور ، والمعنى : قد علمنا إصلاح كل منك ومن أمتك ، وما هو الأصلح لك ولهم ، فشرعنا في حقك وحقهم على وفق ما علمنا.
روي أن أزواجه عليهالسلام لما تغايرن وابتغين زيادة النفقة ، فهجرهن شهرا ، ونزل