الكفار قال (وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِياؤُهُمُ الطَّاغُوتُ) (١). وقرأ أبو الدرداء وزيد بن ثابت وأبو رجاء ونصر بن علقمة وزيد بن عليّ وأخوه الباقر ومكحول والحسن وأبو جعفر وحفص بن عبيد والنخعي والسلمي وشيبة وأبو بشر والزعفراني أن يتخذ مبنيا للمفعول واتخذ مما يتعدى تارة لواحد كقوله (أَمِ اتَّخَذُوا آلِهَةً مِنَ الْأَرْضِ) (٢) وعليه قراءة الجمهور وتارة إلى اثنين كقوله (أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ) (٣) فقيل : هذه القراءة منه فالأول الضمير في (نَتَّخِذَ) والثاني (مِنْ أَوْلِياءَ) و (مِنْ) للتبعيض أي لا يتخذ بعض أولياء وهذا قول الزمخشري.
وقال ابن عطية : ويضعف هذه القراءة دخول (مِنْ) في قوله (مِنْ أَوْلِياءَ) اعترض بذلك سعيد بن جبير وغيره. وقال أبو الفتح (مِنْ أَوْلِياءَ) في موضع الحال ودخلت (مِنْ) زيادة لمكان النفي المتقدم كما تقول : ما اتخذت زيدا من وكيل. وقيل (مِنْ أَوْلِياءَ) هو الثاني على زيادة (مِنْ) وهذا لا يجوز عند أكثر النحويين إنما يجوز دخولها زائدة على المفعول الأول بشرطه. وقرأ الحجاج أن نتخذ من دونك أولياء فبلغ عاصما فقال : مقت المخدّج أو ما علم أن فيها (مِنْ) ولما تضمن قولهم (ما كانَ يَنْبَغِي لَنا أَنْ نَتَّخِذَ مِنْ دُونِكَ مِنْ أَوْلِياءَ) أنّا لم نضلهم ولم نحملهم على الامتناع من الإيمان صلح أن يستدرك بلكن ، والمعنى لكن أكثرت عليهم وعلى آبائهم النعم وأطلت أعمارهم وكان يجب عليهم شكرها والإيمان بما جاءت به الرسل ، فكان ذلك سببا للإعراض عن ذكر الله. قيل : ولكن متعتهم كالرمز إلى ما صرح به موسى من قوله (إِنْ هِيَ إِلَّا فِتْنَتُكَ) (٤) أي أنت الذي أعطيتهم مطالبهم من الدنيا حتى صاروا غرقى في بحر الشهوات فكان صارفا لهم عن التوجه إلى طاعتك والاشتغال بخدمتك و (الذِّكْرَ) ما ذكر به الناس على ألسنة الأنبياء أو الكتب المنزلة أو القرآن. والبور : قيل مصدر يوصف به الواحد والجمع. وقيل : جمع بائر كعائذ وعوذ. قيل : معناه هلكى. وقيل : فسدى وهي لغة الأزد يقولون : أمر بائر أي فاسد ، وبارت البضاعة : فسدت. وقال الحسن : لا خير فيهم من قولهم أرض بور أي معطلة لا نبات فيها. وقيل (بُوراً) عميا عن الحق.
(فَقَدْ كَذَّبُوكُمْ) هذا من قول الله بلا خلاف وهي مفاجأة ، فالاحتجاج والإلزام حسنة
__________________
(١) سورة البقرة : ٢ / ٢٥٧.
(٢) سورة الأنبياء : ٢١ / ٢١.
(٣) سورة الفرقان : ٢٥ / ٤٣.
(٤) سورة الأعراف : ٧ / ١٥٥.