١ ـ الواق واق (١) : بلد من الصين ، وأرضها معدن الذهب ، وأهلها يصنعون للكلب طوق ذهب. ويعلق عظماؤهم فى رقابهم أطواقا من قرن الكركدن غالية جدا.
__________________
(١) يوجد نص لدى ابن خرداذبه (ص ٦٩) يشبه النص الموجود هنا ، وهو : " وفى مشارق الصين بلاد الواقواق وهى كثيرة الذهب حتى إنّ أهلها يتخذون سلاسل كلابهم وأطواق قرودهم من ذهب ، ويأتون بالقمص المنسوجة بالذهب للبيع. وبالواقواق الأبنوس الجيد". إذن هى فى مشارق الصين. غير أن الإدريسى (١ / ٩٢) جعل هذا الوصف بعينه (كثرة الذهب واتخاذ السلاسل منه للقرود والكلاب) إلى مدينة الكيوه من جزائر السيلا. ونجد لدى الإصطخرى أيضا (ص ١٢٢) هذه العلاقة بين الصين والواقواق حيث يقول : " من البحر المحيط فى حد الصين وبلد الواقواق". وقال ابن سعيد فى الجغرافيا (ص ٨٩) عند ذكره اختلاط البحر الهندى بالبحر المحيط (الجزء الجنوبى من المحيط الأطلسى): " والبحر فى هذا المكان كأنه منفرد عن البحر الهندى والبحر المحيط ويقال له بحر الواقواق ، ويفصل بين بحرها وبين البحر المحيط الجبل الكبير الرأس ، وهى كبيرة". ثم نقل بعد ذلك عن المسعودى أسطورة" أن فيها شجرا يخرج منه نبات كالإبرنج (؟) [يبدو أن الصواب الأترنج] ويولد منه جوار يتعلقن بشعورهن وتصيح الواحدة منهن : واق واق. فإن قطعن شعورهن وفصلن من الشجرة متن. ويقال إن الذهب فى هذه الجزيرة كثير". وننبه هنا إلى أن هذا النص المنقول عن المسعودى غير موجود فى كتبه الموجودة بين أيدينا ، رغم أنه قد أكّد بواسطة الإدريسى الذي نسبه للمسعودى ثم انتقده عند ذكره لبلاد الواقواق قائلا : " حكى المسعودى عنها أمورا لا تقبلها العقول من جهة الإخبار عنها" (١ / ٩١). ونشير إلى أن المسعودى قد ذكر هذه البلاد بما يشير إلى مجاورتها لبلاد السفالة (موزمبيق الحالية) عندما قال : " بلاد سفالة والواق واق من أقاصى أرض الزنج" (مروج الذهب ، ١ / ١٢٣ ، ٤٢٤ : أقاصى بحر الزنج : هو بلاد سفالة وأقاصيه بلاد الواق الواق ـ فى بعض النسخ : وبلاد سفالة وأقاصى بلاد واق واق ـ وهى أرض كثيرة الذهب كثيرة العجائب ، ٤٢٥ : ومساكن الزنج من حد الخليج المتشعب من أعلى النيل إلى بلاد سفالة والواق واق). ويؤكد كونهم قريبين من هذه المناطق ما ذكره الربان بزرك فى عجائب الهند (ص ١٧٤ ـ ١٧٥) من هجوم أهل الواقوق سنة ٣٣٤ ه فى نحو ألف قارب على جزيرة قنبله (او قنبلو التى يرجح أنها زنجبار) فحاربوا أهلها حربا شديدة لكنهم لم يتمكنوا من السيطرة على قنبلة التى كان يحيط بها حصن وثيق حوله خور فيه ماء البحر ... وظفروا بعدة قرى ومدن من سفالة الزنج (موزمبيق) ما عرف خبره سوى ما لم يعرف. ثم علق الربان بزرك على قول الراوى الذي ذكر أنهم قدموا إلى هذه البلاد من مسيرة سنة قائلا : " فإن كان قول هؤلاء وحكايتهم صحيحة أنهم جاؤوا من مسيرة سنة ، فهذا يدل على صحة ما ذكره ابن لاكيس ـ راوى الخبر ـ من أمر جزائر الواقواق وأنها قبالة الصين". إلا أن بزرك نفسه نقل عن الربان الحسن السيرافى أنه جهز مركبا للذهاب إلى بلاد الزابج (جزيرة جاوة إحدى جزر إندونيسيا) فوقعوا إلى قرية من جزائر الواقواق ، لأن الريح دفعتهم إليها (عجائب الهند ، ٨). ولا تنفعنا المصادر الأكثر تأخرا بما يضيف شيئا جديدا. فالحميرى ينقل أسطورة النساء اللواتى يطلعن فى الأشجار وينادين : واق واق (الروض المعطار ، ٦٠٢ ، والزهرى يذكر نفس الكلام (الجغرافيا ، ١١ ـ ١٢). وفى جهان نامه (ص ٩٢) نجد الربط بين أقصى الصين والواقواق حيث الذهب الكثير ، وفى ص ٩١ يذكر أيضا أسطورة النبات الذي على شكل الإنسان الذي يموت عندما يقطع من شجرته. أما آراء العلماء المحدثين بشأن هذه البلاد فهى : " لقد تعرف العلامة دى خويه إلى واقواق الشرق الأقصى ، فى اليابان. على أن هابيشت Habicht كان أول من أعلن هذا الرأى فى ترجمته لألف ليلة وليلة (ص ٢٩٩) التى أخرجها سنة ١٨٢٥ م. ومن بين ما استرشد به فى هذا التعرف أن اسم اليابان باللغة القانطونية هو : ووك ـ ووك wok ـ wok ، ومن ذلك اشتق العرب واقواق ويرفض جبريل فران هذا الرأى ، ويتعرف هو بدوره إلى الواقواق فى جزيرة سومطرة. وكذلك أعلن فران مكانا فى جزيرة مدغشقر يدعى واقواق. وأما العلامة هول M.Hall الاختصاصى ـ