__________________
ـ فى تاريخ جنوب إفريقيا القديم الذي عنى بدراسة كلمة واقواق مدة خمس عشرة سنة ، فيرى أن الواقواق هو الاسم الذي كانت تطلقه قبائل البنطوس Bantous على جيرانها البوشمان Bushman الذين يقطنون الشواطئ الجنوبية الشرقية في إفريقيا ... أما فيما يتصل بالشجرة التى يذكرها عدد كبير من الكتاب العرب ، فإن جهود دى خويه أثناء مراسلاته مع العلماء اليابانيين لم تسفر عن وجود أى أثر لها ، لا فى النباتات اليابانية ولا فى الفولكلور اليابانى" (تعليقات الأستاذ إسماعيل العربى على كتاب الجغرافيا لابن سعيد ، ٢٢٥ ـ ٢٢٦). وننقل نصا يثير المزيد من الاضطراب فى هذا الموضوع ، يقول ابن الفقيه (البلدان ، ٦٣): " البحر الكبير الذي ليس فى العالم بحر أكبر منه ، وهو آخذ من المغرب إلى القلزم حتى يبلغ واق واق الصين. وواق واق الصين هو بخلاف واق واق اليمن ، لأن واق واق اليمن يخرج منه ذهب سوء". والحقيقة فإن هذه هى المرة الأولى والأخيرة فيما نعلم التى يشار فيها إلى وجود" واقواق اليمن". وللبيرونى معلوماته التى ينبغى تجميع صورة منها عن هذه الجزيرة. يقول خلال حديثه عن المحيط الهندى : " فأما الجزائر الشرقية فى هذا البحر ـ وهى إلى حد الصين أقرب ـ فإنها جزائر الزابج ويسميها الهند سورن ديب أى جزائر الذهب ؛ والغربية جزائر الزنج ؛ والمتوسط الرم والديبجات ومن جملتها قمير ... وجزيرة الواقواق من جملة قمير ، وهو اسم لا كما تظنه العوام من شجرة حملها كرؤوس الناس تصيح ، ولكن قمير قوم ألوانهم إلى البياض ، قصار القدود على صور الأتراك ودين الهنود مخرّمى (كذا) الآذان. وأهل جزيرة الواقواق منهم سود الألوان والناس فيهم أرغب" (تحقيق ما للهند ، ١٦٩). وقوله إنهم على صور الأتراك يعنى أتراك آسيا الوسطى الذين وجوه أغلبهم تشبه الوجوه الصينية والكمبودية (تشترك فى انتفاخ العيون وبروز الوجنات). ولما كانت قمير (أو خمير) هى بلاد كمبوديا الحالية ، ترى هل سيجعلنا البيرونى نقتنع أن الواقواق هى جزء من كمبوديا التى تنتشر على سواحلها جزر عديدة؟ توجد لدينا نصوص من البيرونى تشعرنا أنه لا يبتعد كثيرا عن خط ملاحى فى المحيط الهندى يمكن أن يبدأ رحلته من مدغشقر متجها نحو الشمال الشرقى إلى الديبجات (جزر المالديف وتبعد ٤٠٠ ميل جنوب غربى سيلان أو سر نديب) ومن هناك إلى سرنديب ثم ينحدر باتجاه الجنوب الشرقى إلى سواحل سومطرة ومنها إلى الزابج (جزيرة جاوة الإندونيسية) ، ولذا فهو يتحدث عن هذه المناطق حديث الذي يراها فى مكان واحد لا تبتعد كثيرا عن بعضها. يقول فى تحديد نهايات الأماكن (ص ١٠٨): " إن خط الاستواء يأخذ من جهة المغرب فى البحر ... ثم على سفالة الزنج وراء النوبة ، ثم على جزائر الديبجات والواقواق وجزائر الزابج فى ناحية المشرق". ويقول فى القانون المسعودى (٢ / ٥٣٧ ـ ٥٣٨) وهو يتحدث عن البحر الأعظم الواقع فى جنوب الربع المسكون الآخذ" من أرض الصين إلى الهند إلى الزنج"." وكثرت الجزائر فى تلك المواضع كالزابج والديبجات وقمير والواقواق والزنج". ويقول فى الصيدنة (ص ٧): " كقامرون والإقمير الذين الديبجات جزائرهم". ويعلق ما يرهوف على هذا الكلام بقوله : " إن البيرونى قد أخطأ حين اعتبر الديبجات (جزائر المالديف) جزءا من بلاد القمير" (انظر : تعليقات الدكتور زرياب على الصيدنة ، ٩). نذكر بأن القامرون أو القامروب منطقة تقع فى مقاطعة آسام الهندية. ونرى أنه يمكن فى جميع الحالات أن يتصرف أحد النساخ فيحذف ألف الزابج" لتصبح" الزبج" ويكتبها" الزنج" أو أن يضيف ألفا إلى" الزنج" لتصبح" الزابج" بعد تغيير موقع نقطة النون. ومع ذلك يمكن لنا أن نفترض بحذر شديد أن الواق واق يمكن أن تكون هى جزيرة كوكوس ـ كيلنغ"Cocos ـ Keeling " الواقعة فى المحيط الهندى إلى الجنوب من جاوة (الزابج) ، وهى تابعة لدولة أستراليا. ويمكن تعزيز هذا الرأى الحذر بما يرويه الربان بزرك فى عجائب الهند (ص ٨) عن الربان الحسن السيرافى أنه جهّز مركبا للذهاب إلى بلاد الزابج فوقعوا إلى قرية من جزائر الواقواق لأن الريح دفعتهم إليها. وكنموذج للتصحيف يكفى أن نشير إلى التصحيف الذي ورد فى العبارة التى نقلناها آنفا عن القانون المسعودى (٢ / ٥٣٨) إذا كانت كما هى فى المطبوعة" كالزايج والزيجات وقمير والواقواق والزيج" ، فصححناها أعلاه.