الاستعانة بها على حرب النبي صلىاللهعليهوسلم ففعلوا ، وقيل : كان المال خمسين ألف دينار ، فسلم إلى أهل العير رءوس أموالهم ، وعزلت الأرباح ، وكانوا يربحون في تجارتهم الديا نار دينارا ، وجهزوا الجيش بذلك ، وحركوا من أطاعهم من القبائل ، وخرجوا بأحابيشهم ومن تابعهم من بني كنانة وأهل تهامة ، وخرجوا معهم بالظعن (١) لئلا يفروا ، فخرج أبو سفيان ـ وكان قائدهم ـ بهند بنت عتبة ، وكذلك سار أشرافهم خرجوا بنسائهم ، وكان جبير بن مطعم أمر غلامه وحشيا الحبشي بالخروج مع الناس ، وقال له : إن قتلت حمزة عم محمد صلىاللهعليهوسلم بعمي طعمة بن عدي فأنت عتيق ، فأقبلوا حتى نزلوا بعينين جبل ببطن السبخة من قناة على شفير الوادي مقابل المدينة ، قاله ابن إسحاق ، ووادي قناة خلف عينين بينه وبين أحد ، فإن عينين في مقابلة أحد ، فنزلوا هم أمام عينين مما يلي المدينة وفي غربيه لجهة بئر رومة ؛ فلا يخالف ما سيأتي عن المطري ، ونقل ابن عقبة أن أبا سفيان سار بجمعه حتى طلعوا من بئر الجماوين ، ثم نزلوا ببطن الوادي الذي قبل أحد ، وكان رجال من المسلمين أسفوا على ما فاتهم من مشهد بدر ، وتمنوا لقاء العدو ، وأرى رسول الله صلىاللهعليهوسلم ليلة الجمعة رؤيا ، فلما أصبح قال : رأيت البارحة في منامي بقرا تذبح ، والله خير ، ورأيت سيفي ذا الفقار انقصم من عند ظبته (٢) ، أو قال به فلول ، فكرهته وهما مصيبتان ، ورأيت أني في درع حصينة ، وأني مردف كبشا ، قالوا : ما أولتها؟ قال : أولت البقر بقرا يكون فينا ، وأولت الكبش كبش الكتيبة [٣] ، وأولت الدرع الحصينة المدينة ، فامكثوا فإن دخل القوم الأزقة قاتلناهم ورموا من فوق البيوت ، ونقل ابن إسحاق أيضا أن عبد الله بن أبي قال : يا رسول الله ، أقم بالمدينة ، ولا تخرج إليهم ، فوالله ما خرجنا منها إلى عدو قط إلا أصاب منا ، ولا دخلها علينا إلا أصبنا منه ، فدعهم ، فقال أولئك القوم : يا نبي الله كنا نتمنى هذا اليوم ، وأبى كثير من الناس إلا الخروج ، فلما صلّى الجمعة وانصرف دعا باللأمة فلبسها ، ثم أذن في الناس بالخروج ، فندم ذوو الرأي منهم ، فقالوا : يا رسول الله امكث كما أمرتنا ، فقال : ما ينبغي لنبي إذا أخذ لأمة الحرب أن يرجع حتى يقاتل ، فخرج بهم وهم ألف رجل ، وكان المشركون ثلاثة آلاف. وقال المطري : إن نزول قريش يوم أحد بالمدينة كان يوم الجمعة ، قال : وقال ابن إسحاق : يوم الأربعاء.
قال المطري : فنزلوا برومة من وادي العقيق ، وصلّى النبي صلىاللهعليهوسلم الجمعة بالمدينة ، ثم
__________________
(١) الظعينة : الراحلة يرتحل عليها. و ـ الهودج.
(٢) الظّبة : حدّ السيف والسنان والخنجر وما أشبهها.