فإذا أفادت الآية عصمة أمير المؤمنين عليهالسلام ، ثبتت إمامته ؛ لأنّ العصمة شرط الإمامة ـ كما سبق (١) ـ ، ولا عصمة لغيره من الصحابة بالإجماع ، مع أنّ الأمر باتّباع الأمّة لشخص على الإطلاق ، ظاهر في إمامته لهم.
وممّا ذكرنا يعلم بطلان حمل ( الصَّادِقِينَ ) على مطلق المهاجرين والأنصار ، أو خصوص الثلاثة الّذين تخلّفوا في غزوة تبوك ، كما ذهب إلى كلّ منهما بعض المفسّرين (٢) ؛ وذلك لعدم عصمة هؤلاء.
هذا ، والظاهر أنّ المخاطب بالاتّباع في قوله تعالى : ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ) (٣) ، هو جميع المؤمنين بكلّ زمان ، لا خصوص الصحابة ؛ فيدلّ على وجود معصوم واجب الاتّباع بكلّ وقت ، فكان هو محمّدا صلىاللهعليهوآلهوسلم في وقته ، وعليّا في وقته ، والأئمّة الطاهرين من آلهما بعدهما ، كما يقتضيه ـ أيضا ـ كون ( الصَّادِقِينَ ) صيغة جمع.
وإنّما خصّت الروايات السابقة عليّا عليهالسلام ؛ للفراغ عن وجوب اتّباع النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ولأنّ عليّا عليهالسلام أوّل الأئمّة وأصلهم ، فوجوب اتّباعهم فرع وجوب اتّباعه.
ويشهد لذلك ما في « ينابيع المودّة » ، عن موفّق بن أحمد بسنده ، عن ابن عبّاس ، قال : « الصادقون [ في هذه الآية ] : محمّد وأهل بيته » (٤).
وفيها نحوه ، عن أبي نعيم ، عن الصادق عليهالسلام (٥).
__________________
(١) راجع ج ٤ / ٢٠٥ وما بعدها من هذا الكتاب.
(٢) انظر : تفسير الطبري ٦ / ٥٠٨ ذ ح ١٧٤٦١ وص ٥٠٩ ح ١٧٤٦٥ ـ ١٧٤٦٩ ، تفسير القرطبي ٨ / ١٨٣ ، الدرّ المنثور ٤ / ٣١٤ و ٣١٦.
(٣) سورة التوبة ٩ : ١١٩.
(٤) ينابيع المودّة ١ / ٣٥٨ ح ١٥.
(٥) ينابيع المودّة ١ / ٣٥٨ ذ ح ١٥.