ولا ريب في صحّة ذلك ـ حتّى لو لم ترد به رواية ـ ؛ لشهادة الوجدان به ، فإنّ الغلاة بأمير المؤمنين عليهالسلام كثيرون ، وكذلك النصّاب له الّذين هلكوا ببغضه ، كالخوارج وبني أمّية وأشياعهم ، وأشباه الفضل ، ممّن ألزموا أنفسهم من دون برهان بتأخيره رتبة وفضلا عمّن لا يقاس به علما وعملا.
ولا يمكن أن تكون الإماميّة ممّن هلك بحبّه ؛ لأنّ الروايات المشار إليها جعلت الهالكين بحبّه من نحو الهالكين بحبّ عيسى ، ومن المعلوم أنّ من هلك بحبّ عيسى إنّما هو من قال بإلهيّته ، فكذا من هلك بحبّ عليّ.
وأمّا ما ذكره الفضل من قصّة ابن الزبعرى ؛ فلا مناسبة لها بجعل عيسى مثلا ؛ لأنّ ابن الزبعرى صيّر عيسى نقضا للآية لا مثلا.
على أنّ المفهوم من الآية أنّ الضارب للمثل بعيسى هو النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم لا قومه ، وإنّما هم صادّون عنه.
وممّا ذكر يعلم وجه الدلالة على إمامة أمير المؤمنين عليهالسلام ؛ فإنّ ضرب المثل له بعيسى دالّ على أنّه مثله في الفضل عند الله تعالى ، بحيث كان بغضه هلاكا ؛ فهو شبيه عيسى بالعظمة ، وفوق الأمّة ، وإمامها ؛ ولذا قال المنافقون : « لا يرى له مثلا إلّا عيسى » ..
مضافا إلى أنّ الداعي للغلوّ فيه كالداعي للغلوّ بعيسى ، وهو ما صدر عنه من المعجزات والكرامات الباهرة ، ولا شكّ أنّ صدورها من شخص دون غيره دليل على كرامته عند الله وفضله على قومه ، والأفضل محلّ الإمامة ، ودليل على أنّ إمامته من الله تعالى ؛ لاقتران معجزته بدعوى الإمامة.