نصر الحميدي [صاحب تاريخ الأندلس قال (١) : موسى بن نصير ، أبو عبد الرّحمن](٢) صاحب فتح الأندلس ، وكان أميرا بأفريقية والمغرب ، وليها في سنة تسع وسبعين ، وكانت الولاة في كلّ ذلك من قبله ، يقال : إنه مولى لخم ، وهو من التابعين ، روى عن تميم الدّاري ، روى عنه يزيد بن مسروق اليحصبي ، مات بمرّ الظهران (٣) ، أو بوادي القرى على اختلاف فيه ، وذلك في سنة سبع أو تسع وتسعين ، وكان خرج مع سليمان بن عبد الملك إلى الحج ، وقد ألّف في [أخباره في](٤) فتوح الأندلس وكيف جرى الأمر في ذلك رجل من ولده يقال له معارك بن مروان بن عبد الملك بن مروان بن موسى بن نصير أبو معاوية.
ذكره أبو سعيد ـ يعني : ابن يونس ـ.
أنبأنا أبو القاسم العلوي ، وأبو الوحش ، عن رشأ ، أنا أبو محمّد بن النحّاس ، نا أبو عمر الكندي ، حدّثني ابن قديد ، عن عبيد الله ، عن أبيه ، أخبرني بعض مشايخنا أن معاوية بعث لابتناء ياس (٥) من قبرس رجلين من الموالي ، أحدهما موسى بن نصير ، والآخر : المهاجر بن دعلج مولى خولان ، وولّى أبا الأعور السّلمي البعث ، فلمّا قدما عليه رأى موسى أجسم من المهاجر فقال : ما ينبغي للسلطان أن يستعين إلّا بالجسيم لهيبته.
قال : ونا أبو عمر ، أخبرني عبد الوهّاب ، عن ابن قديد ، عن أبي عثمان ، عن النصيري أن موسى بن نصير كان ممن بايع لابن الزبير ، وحضر يوم المرج مع الضّحّاك ، فلمّا انهزم أهل المرج وقتل الضّحّاك لحق موسى بن نصير بفلسطين ، فكان مع ناتل بن قيس يدعو إلى ابن الزبير ، فأهدر مروان دمه ، فاستجار موسى بعبد العزيز بن مروان ، فوهبه له مروان ، وخرج به معه ، وهو سائر إلى مصر ، وهم في طاعة ابن الزبير وعليهم ابن جحدم (٦) الفهري ، فلما بلغ أهل مصر (٧) مسير مروان خندقوا على الفسطاط خندقا ، واستعدوا لحربه ، ووجهوا مراكب مصر إلى سواحل الشام ليخالف إلى ذراريهم وعيالهم ، وكان على تلك المراكب الأكدر بن حمام اللخمي ، فلمّا بلغ مروان العريش بلغه أن مراكب أهل مصر قد سارت إلى
__________________
(١) الخبر رواه الحميدي في كتابه المسمى جذوة المقتبس في ذكر ولاة الأندلس ص ٣٣٨ رقم ٧٩٣.
(٢) ما بين معكوفتين سقط من الأصل واستدرك عن د ، و «ز» ، وم ، وانظر جذوة المقتبس.
(٣) مرّ الظهران : موضع على مرحلة من مكة (معجم البلدان).
(٤) الزيادة عن م ، و «ز» ، ود.
(٥) كذا ، راجع ما مرّ قريبا.
(٦) في م : ابن جهرم.
(٧) من قوله : وهم إلى هنا استدرك على هامش «ز».