قال معاوية يوما لحاجبه : ائذن لناجد بن سمرة أخي بني الحارث بن عبد مناة بن كنانة ، فقال الآذن لناجد : قم فادخل ، فلمّا دخل تناول رجل ثوب ناجد فقال : لا والله لا تدخل وأنا صاحب رسول الله صلىاللهعليهوسلم ولي السنّ عليه ، فرجع الحاجب فأخبره فقال : ما صفة الذي منعه فوصفه قال : ذاك واثلة بن الأسقع ، أخو بني بكر ، ائذن لهما ، فأذن لهما ، فلما دخلا قال معاوية : خلّ ثوب ابن أخيك ، قال : يا معاوية لم أذنت له قبلي وأنا صاحب رسول الله صلىاللهعليهوسلم ولي السن عليه؟ قال معاوية : إنّي وجدت برد أسنانك بين يدي ، ووجدت يده ترفع ذلك البرد ، قال : فصاح به واثلة : وا عجباه أتأخذ بإيثار الجاهلية في الإسلام ، قال : لا أخذت الذي يقول :
أغرّك إن كانت لبطنك عكنة |
|
وإنّك مكفي بمكة طاعم |
فقال معاوية أرسله :
إذا جاءك البكري يحمل قصبه |
|
فقل قصب كلب صدته وهو نائم |
فقال واثلة :
فما منع العير الضروط ذماره |
|
ولا منعت مخزاه والدها هند |
فقال معاوية :
نزلت قديدا فالتوت بذراعها |
|
يكر كلّ أطلح أفحج (١) |
قال : وا أسفاه ، قال معاوية : وا سوأتاه! أجهلتنا ، وأجهلناك وأسأنا إليك ، ولنا المقدرة عليك ، ارفع حاجتك.
٧٨١١ ـ نازوك (٢)
ولي إمارة دمشق في خلافة المقتدر في سنة سبع وثلاثمائة ، ودخلها في رجب من هذه السنة ، فكان واليها إلى سنة تسع وثلاثمائة ، فكان الغلاء في أيامه ، وكان الوالي قبله تكين (٣) الخاصة ، فعزل بتكين أيضا ، فمضى إلى بغداد فدخلها يوم الخميس لثلاث عشرة ليلة بقيت
__________________
(١) الأفحج الذي في رجليه اعوجاج ، وقيل المتباعد ما بين الفخذين ، وقيل : المتباعد ما بين أوساط الساقين من الإنسان والدابة (تاج العروس : فحج).
(٢) ترجمته في تحفة ذوي الألباب ١ / ٣٤٠ وأمراء دمشق ص ٩١.
(٣) ترجمته في سير أعلام النبلاء ١٥ / ٩٥ والوافي بالوفيات ١٠ / ٣٨٦.