قومي منزلة ، وآتيك ، فأدخل معك فيما دخلت؟ فقال له عبد العزيز : على أن تحمل الساعة على أصحاب الوليد ، ففعل ، وكان على ميمنة الوليد معاوية بن أبي سفيان بن يزيد بن خالد ، فقال لعبد العزيز : أتجعل لي عشرين ألف دينار وولاية الأردن والشركة في الأمر على أن أصير معك؟ قال : على أن تحمل من ساعتك على أصحاب الوليد ، ففعل ، فانهزم أصحاب الوليد ، وقام الوليد ، فدخل البخراء ، وأقبل عبد العزيز ، فوقف على الباب وعليه سلسلة ، فجعل الرجل بعد الرجل يدخل من تحت السلسلة ، وأتى عبد العزيز عبد السّلام بن بكير بن شمّاخ اللخمي ، فقال : إنه يقول : أخرج على حكمك ، قال : فليخرج ، فلما ولّى قيل له : وما تصنع بخروجه؟ دعه يكفيكه الناس ، فدعا عبد السّلام فقال : لا حاجة لي فيما أعرض عليّ ، فنظرت إلى شاب طويل على فرس ، فدنا من حائط القصر ، فعلاه ، ثم صار إلى داخل القصر ، قال : فدخلت القصر فإذا الوليد قائم في قميص قصب وسراويل وشي ، ومعه سيف في غمد ، والناس يشتمونه ، فأقبل إليه بشر بن سنان ـ والصواب : سيار (١) ـ مولى كنانة بن عمير وهو الذي دخل من الحائط ، فمضى الوليد يريد الباب ـ أظنه أراد أن يأتي عبد العزيز ـ وعبد السّلام عن يمينه ، ورسول عمرو بن قيس عن يساره فضربه ـ يعني : بشرا ـ على رأسه وتعاوره الناس بأسيافهم ، فقتل ، فطرح عبد السّلام نفسه عليه ، وأقبل يحتز رأسه ، وكان يزيد بن الوليد قد جعل في رأس الوليد مائة ألف ، وأقبل أبو الأسود (٢) مولى خالد بن عبد الله القسري ، فسلخ من جلدة الوليد قدر الكف ، فأتى بها يزيد بن خالد بن عبد الله ، وكان محبوسا في عسكر الوليد ، وانتهب الناس عسكر الوليد ، وخزائنه ، وأتي بريد العليمي أبو البطريق بن يزيد وكانت ابنته عند الحكم بن الوليد ، فقال : امنع لي متاع ابنتي ، فما وصل إلى أحد شيئا ، وزعم أنه له.
قال (٣) أحمد : قال علي : قال عمرو (٤) بن مروان : لما قتل الوليد قطعت كفه اليسرى ، فبعث بها إلى يزيد ، فسبقت الرأس قدم بها ليلة الجمعة ، وأتي برأسه من الغد ، فنصبه للناس بعد الصلاة ، وكان أهل دمشق قد أرجفوا بعبد العزيز ، فلمّا أتاهم رأس الوليد سكنوا وكفّوا ، قال : وأمر يزيد بنصب الرأس ، فقال يزيد بن فروة (٥) مولى بني مروان : إنّما ينصب رأس
__________________
(١) كذا بالأصل وم ، والذي في الطبري : بشر بن شيبان.
(٢) كذا بالأصل وم ، وفي الطبري : أبو الأسد.
(٣) من هنا في تاريخ الطبري ٧ / ٢٥٠ ـ ٢٥١.
(٤) بالأصل وم : «عمر» تصحيف ، والمثبت عن تاريخ الطبري.
(٥) كذا بالأصل وم «قرة» ، وفي الطبري : يزيد بن فروة ، وهو ما أثبت.