أخبرنا جعفر بن محمد قال : أخبرنا محمد بن الحسن الأزديّ قال : أخبرنا أبو حاتم قال : كان الأصمعيّ أروى الناس للرّجز ، سمعت مرة بحرانيا (١) كان قد طاف بنواحي خراسان يسأله : فقال له : أخبرني فلان بالريّ أنك تروي اثني عشر ألف أرجوزة. فقال : نعم ، أروي أربعة عشر ألف أرجوزة. فعجبت ، فقال لي : أكثرها قصار ؛ فقلت : اجعلها بيتا بيتا ، أربعة عشر ألف بيت!
وأما من رواية الرياشيّ فيما كتب إليّ به أبو روق الهزّانيّ قال : سمعت الرياشيّ يقول ؛ سمعت الأصمعيّ يقول ؛ أحفظ اثني عشر ألف أرجوزة ؛ فقال له رجل : منها البيت والبيتان ؛ فقال : ومنها المائة والمائتان.
حدّثنا جعفر بن محمد قال : أخبرنا عليّ بن ذكوان عن المازنيّ قال : قلت للأصمعيّ : إنّك لتحفظ من الرجز ما لا يحفظه أحد. فقال : إنه كان همّنا وسدمنا. ـ قال اللغويّ : والسدم هاهنا الحرص ـ
حدّثنا جعفر بن محمد ، حدّثنا محمد بن الحسن الأزديّ قال : حدّثنا أبو حاتم عن الأصمعيّ قال : كنت عند شعبة بن الحجّاج ، فروى حديثا قال فيه : «فيسمعون جرش طير الجنّة» (بالشين المعجمة) ، فقلت «جرس» (بالسين غير معجمة) ، فالتفت يتبصّرني ، فلما رآني قال : خذوها عنه ، فإنه أعلم بهذا منّا (٢).
والجرس : الصوت.
أخبرنا محمد بن يحيى قال : أخبرنا القاسم بن إسماعيل قال : حدّثنا محمد بن سلّام الجمحيّ قال : حدّثني بعض كتبة الفضل بن الربيع قال : كنّا عند الفضل بن الربيع (٣) وعنده أبو عبيدة ، فسأله عن قول عمر بن الخطاب للمؤذّن ـ وهو أبو محذورة (٤) : أما خشيت أن ينشقّ مريطاؤك؟ أيقصر أم يمدّ ؛ فقال ـ أبو عبيدة : يمدّ ، فقال عليّ الأحمر (٥) ـ وكان حاضرا : بل يقصر ؛ فقال له أبو عبيدة : وما يدريك يا مذبذب! ودخل الأصمعيّ ، فسأله عن ذلك ، فقال مثل قول أبي
__________________
(١) بحراني ، بفتح الباء وسكون الحاء : منسوب إلى البحر أو إلى الجزائر أو استدامة ركوب البحار.
اللباب.
(٢) الخبر في النهاية لابن الأثير ١ / ٢٦.
(٣) هو الفضل بن الربيع بن يونس ؛ ولي للرشيد الوزارة بعد نكبة البرامكة إلى أن مات الرشيد ، واستخلف الأمين فأقره في وزارته ، وعمل على مقاومة المأمون فلما ظفر المأمون بأخيه استتر الفضل زمانا ، ثم عفا عنه المأمون وأهمله بقية حياته ، وتوفي بطوس سنة ٢٠٨. (ابن خلكان ١ / ٤١٢).
(٤) أبو محذورة : مؤذن النبي صلّى الله عليه وسلّم ؛ وهو أوس بن معير ، أحد بني جمح. (اللسان).
(٥) هو عليّ بن الحسن الكوفي المعروف بالأحمر ، صاحب الكسائي ، ذكره في بغية الوعاة ٢ / ١٥٨.