وشتموه وزجروه ، وقالوا : برئ الله منك إنَّ صالحاً كان في غير صورتك ، قال : فأتي الجحّاد فلم يسمعوا منه القول ونفروا منه أشدَّ النفور ، ثمّ انطلق إلى الطبقة الثالثة ، وهم أهل اليقين فقال لهم : أنا صالح ، فقالوا : أخبرنا خبراً لا نشكُّ فيك معه أنّك صالح ، فإنّا لا نمتري أنَّ الله تبارك وتعالى الخالق ينقل ويحوِّل في أي صورة شاء ، وقد اخبرنا وتدارسنا فيما بيننا بعلامات القائم إذا جاء ، وإنّما يصحُّ عندنا إذا أتى الخبر من السماء ، فقال لهم صالح : أنا صالح الّذي أتيتكم بالناقة ، فقالوا : صدقت وهي الّتي نتدارس فما علامتها؟ فقال : لها شرب ولكم شرب يوم معلوم ، قالوا آمنا بالله وبما جئتنا به ، فعند ذلك قال الله تبارك وتعالى : « أنَّ صالحا مرسل من ربّه (فقال : أهل اليقين :) إنّا بما أرسل به مؤمنون * قال الّذين استكبروا (وهم الشكّاك والجحّاد :) إنّا بالّذي آمنتم به كافرون » (١) قلت : هل كان فيهم ذلك اليوم عالم به؟ قال : الله أعدل من أن يترك الأرض بلا عالم (٢) يدلُّ على الله عزَّ وجلَّ ، ولقد مكث القوم بعد خروج صالح سبعة أيّام على فترة لا يعرفون إماماً ، غير أنّهم على ما في أيديهم من دين الله عزَّ وجلَّ ، كلمتهم واحدة ، فلمّا ظهر صالح عليهالسلام اجتمعوا عليه. وإنّما مثل القائم عليهالسلام مثل صالح.
٤
( باب )
* (في غيبة ابراهيم عليهالسلام) *
وأمّا غيبة إبراهيم خليل الرَّحمن صلوات الله عليه فانّها تشبه غيبة قائمنا صلوات الله عليه بل هي أعجب منها لأنّ الله عزَّ وجلَّ غيب أثر إبراهيم عليهالسلام وهو في بطن أمّه حتّى حوَّله عزَّ وجلَّ بقدرته من بطنها إلى ظهرها ، ثمَّ أخفى أمر ولادته إلى وقت بلوغ الكتاب أجله.
__________________
(١) الاعراف ٧٦ و ٧٧. وفيها « اتعلمون أنَّ صالحاً ـ الآية ».
(٢) في بعض النسخ « بغير عالم ».