تباعدت منه حتّى خرج من المدينة إلى ينبع (١) وجرى عليه ما جرى ، فإنَّ قلتم : إنَّ عليا عليهالسلام لم يستخلفه رسول الله صلىاللهعليهوآله فلم أودعتم كتبكم ذلك وتكلّمتم عليه ، فإنَّ النّاس قد يذهبون عن الحق وإن كان واضحاً ، وعن البيان وإن كان مشروحاً كما ذهبوا عن التوحيد إلى التلحيد ، ومن قوله عزَّ وجلَّ : « ليس كمثله شيء » إلى التشبيه.
قالت الزّيديّة : وممّا تكذب به دعوى الاماميّة أنّهم زعموا أنَّ جعفر بن محمّد عليهماالسلام نصَّ لهم على إسماعيل وأشار إليه في حياته ، ثمّ أنَّ إسماعيل مات في حياته فقال : « ما بدا لله في شيء كما بدا له في إسماعيل ابني » فإنَّ كان الخبر الاثنا عشر صحيحاً فكان لا أقل من أن يعرفه جعفر بن محمّد عليهماالسلام ويعرِّف خواصَّ شيعته لئلّا يغلط هو وهم هذا الغلط العظيم.
فقلنا لهم : بم قلتم : أنَّ جعفر بن محمّد عليهماالسلام نصَّ على إسماعيل بالامة؟ وما ذلك الخبر؟ ومن رواه؟ ومن تلقّاه بالقبول؟ فلم يجدوا إلى ذلك سبيلاً ، وإنّما هذه حكاية ولّدها قوم قالوا بامامة إسماعيل ، ليس لها أصلٌ لأنّ الخبر بذكر الائمّة الاثنا عشر عليهمالسلام قد رواه الخاصُّ والعامُّ ، عن النبيّ صلىاللهعليهوآله والائمّة عليهمالسلام ، وقد أخرجت ما روي عنهم في ذلك في هذا الكتاب. فأمّا قوله : « ما بدا لله في شيء كما بدا له في إسماعيل ابني » فانه يقول : ما ظهر لله أمر كما ظهر له في أسماعيل ابني إذا اخترمه في حياتي (٢) ليعلم بذلك أنَّه ليس بامام بعدى. وعندنا من زعم أنَّ الله عزَّ وجلَّ يبدو له اليوم في شيء لم يعلمه أمس فهو كافرٌ والبراءة منه واجبة ، كما روي عن الصادق عليهالسلام.
حدثنا أبي رضياللهعنه عن محمّد بن يحيى العطّار ، عن محمّد بن أحمد بن ـ يحيى بن عمران الأشعريِّ قال : حدّثنا أبو عبد الله الرازي ، عن الحسن بن الحسين
__________________
(١) في بعض النسخ « البقيع ».
(٢) اخترمة : أهلكه واستأصله.