ووجه آخر من الدّليل على حقيقة ما شرحنا من تشاكل الائمّة والأنبياء عليهمالسلام أنَّ الله تبارك وتعالى يقول في كتابه : « لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة » (١) وقال تعالى : « ما آتيكم الرَّسول فخذوه وما نهيكم عنه فانتهوا » (٢) فأمرنا الله عزَّ وجلَّ أن نهتدي بهدى رسول الله صلىاللهعليهوآله ونجري الاُمور (الجارية) على حدِّ ما أجراها رسول الله صلىاللهعليهوآله من قول أو فعل ، فكان من قول رسول الله صلىاللهعليهوآله المحقّق لما ذكرنا من تشاكل الأنبياء والائمّة أن قال : « منزلة عليٍّ عليهالسلام منّي كمنزلة هارون من موسى إلّا أنَّه لانبي بعدي » فأعلمنا رسول الله صلىاللهعليهوآله أنَّ عليا ليس بنبي وقد شبهه بهارون وكان هارون نبيّاً ورسولاً ( و ) كذلك شبّهه بجماعة من الأنبياء عليهمالسلام.
حدثنا محمّد بن موسى بن المتوكّل رحمهالله قال : حدّثنا علىٌ بن الحسين السّعد آباديُّ قال : حدّثنا أحمد بن أبي عبد الله البرقيُّ ، عن أبيه محمّد بن خالد قال : حدّثنا عبد الملك بن هارون بن عنترة الشّيبانيُّ ، عن أبيه ، عن جدِّه (٣) عن عبد الله ابن عباس قال : كنّا جلوساً عند رسول الله صلىاللهعليهوآله فقال : من أراد أن ينظر إلى آدم في علمه وإلى نوح في سِلمه وإلى إبراهيم في حلمه وإلى موسى في فطانته وإلى داود في زهده ، فلينظر إلى هذا. قال : فنظرنا فإذا علىُّ بن أبي طالب قد أقبل كأنما ينحدر
__________________
(١) الاحزاب : ٢١.
(٢) الحشر : ٧.
(٣) هارون بن عنترة بن عبد الرحمن الشيباني عامى ذكره ابن حبان في الثقات ، وقال ابن سعد : ثقة ، وقال أبو زرعة : لا بأس به ، مستقيم الحديث. وابنه عبد الملك عنونه النجاشي وقال : كوفي ثقة عين روى عن أصحابنا ورووا عنه ، ولم يكن متحققاً بأمرنا ، له كتاب يرويه محمّد بن خالد. وأما أبوه عنترة بن عبد الرحمن فعنونه العسقلاني في النقريب والتهذيب وقال : ذكره ابن حبان في الثقات وذكر ابن أبي حاتم عن أبي زرعة : أنَّه كوفي ثقة.