نبوَّته مع الغيبة كما صحّت نبوَّة الأنبياء الّذين لم تقع بهم الغيبة فكذلك صحّت إمامة صاحب زماننا هذا مع غيبته كما صحت إمامة من تقدّمه من الائمّة الّذين لم تقع بهم الغيبة.
وكما جاز أن يكون موسى عليهالسلام في حجر فرعون يُربيّه وهو لا يعرفه ويقتل أولاد بني إسرائيل في طلبه فكذلك جائز أن يكون صاحب زماننا موجوداً بشخصه بين النّاس ، يدخل مجالسهم ويطأ بسطهم ويمشي في أسواقهم ، وهم لا يعرفونه إلى أن يبلغ الكتاب أجله.
فقد روي عن الصّادق جعفر بن محمّد عليهماالسلام أنَّه قال : في القائم سنّة من موسى ، وسنّة من يوسف ، وسنّة من عيسى ، وسنّة من محمّد صلىاللهعليهوآله : فأمّا سنة موسى فخائف يترقب ، وأما سنة يوسف فإنَّ إخوته كانوا يبايعونه ويخاطبونه ولا يعرفونه ، وأما سنة عيسى فالسياحة ، وأما سنة محمّد صلىاللهعليهوآله فالسيف.
فكان من الزِّيادة لخصومنا أن قالوا : ما أنكرتم إذ قد ثبت لكم ما ادَّعيتم من الغيبة كغيبة موسى عليهالسلام ومن حلّ محله من الائمّة (١) الّذين وقعت بهم الغيبة أن تكون حجّة موسى لم تلزم أحداً إلّا من بعد أنَّ أظهر دعوته ودلَّ على نفسه وكذلك لا تلزم حجّة إمامكم هذا لخفاء مكانه وشخصه حتّى يظهر دعوته ويدل على نفسه [ كذلك ] فحينئذ تلزم حجّته وتجب طاعته ، وما بقي في الغيبة فلا تلزم حجّته ، ولا تجب طاعته.
فأقول ـ وبالله أستعين ـ : إنَّ خصومنا غفلوا عما يلزم من حجّة حجج الله في ظهورهم واستتارهم وقد ألزمهم الله تعالى الحجّة البالغة في كتابه ولم يتركهم سدى في جهلهم وتخبّطهم ولكنّهم كما قال الله عزَّ وجلَّ : « أفلا يتدبّرون القرآن أم على قلوب أقفالها » (٢) أنَّ الله عزَّ وجلَّ قد أخبرنا في قصّة موسى عليهالسلام أنَّه كان له شيعة
__________________
(١) في بعض النسخ « من الأنبياء ».
(٢) سوره محمّد (ص) : ٢٤.