قال مخالفونا : إنَّ العادات والمشاهدات تدفع قولكم بالغيبة ، فقلنا : إنَّ البراهمة (١) تقدر أن تقول مثل ذلك في آيات النبيّ صلىاللهعليهوآله وتقول للمسلمين إنّكم بأجمعكم لم تشاهدوها فلعلّكم قلّدتم من لم يجب تقليده أو قبلتم خبراً لم يقطع العذر ، ومن أجل هذه المعارضة قالت عامة المعتزلة ـ على ما يحكى عنهم ـ : إنَّه لم تكن للرَّسول صلىاللهعليهوآله معجزة غير القرآن فأمّا من اعترف بصحّة الايات الّتي هي غير القرآن احتاج إلى أن يطلق الكلام في جواز كونها بوصف الله ـ تعالى ذكره ـ بالقدرة عليها ، ثمّ في صحّة وجود كونها على أُمور قد وقفنا عليها وهي غير كثيرة الرُّواة.
فقالت الاماميّة : فارضوا منّا بمثل ذلك وهو أن نصحّح هذه الأخبار الّتى تفرَّدنا بنقلها عن أئمّتنا عليهمالسلام بأن تدلَّ على جواز كونها بوصف الله ـ تعالى ذكره ـ بالقدرة عليها وصحة كونها بالادلّة العقليّة والكتابيّة والأخبار المرويّة المقبولة عند نقلة العامّة.
قال الجدليُّ فنقول : إنَّه ليس بازائنا جماعة تروي عن نبيّنا صلىاللهعليهوآله ضدَّ ما نروي ممّا يبطله ويناقضه ، أو يدَّعون أنَّ أوَّلنا ليس كآخرنا؟
فيقال له : ما أنكرت من برهميٍّ قال لك : إنَّ العادات والمشهادات والطبيعيّات تمنع أن يتكلم ذراع مسمومٌ مشويّ وتمنع من انشقاق القمر وأنّه لو انشق القمر وانفلق لبطل نظام العالم.
وأمّا قوله : « ليس بازائهم من يدفع أنَّ أوَّلنا ليس كاخرنا » فانّه يقال له : إنّكم تدفعون عن ذلك أشدَّ الدَّفع ولو شهد هذه الايات الخلق الكثير لكان حكمه حكم القرآن فقد بان أنَّ الجدليَّ مستعملٌ للمغالطة ، مستفرق فيما لم يستفرق.
قال الجدلي : أو تدفعونا عن قولنا إنَّه كان لنبيّنا صلىاللهعليهوآله من الاتباع في حياته وبعد وفاته جماعةٌ لا يحصرهم العدد يروون آياته ويصحّحونها؟ فيقال له : إنَّ جماعة لم لم يحصرهم العدد قد عاينوا آيات رسول الله صلىاللهعليهوآله الّتي هي تظليل الغمامة وكلام الذّراع
__________________
(١) البراهمة قوم لا يجوزون على الله تعالى بعثة الرسل.