أن يكون المصطفى بعد الحسين عليهالسلام منه لقوله عزَّ وجلَّ « ذرّيّة بعضها من بعض » ومتى لم تكن الذّرّية منه لا تكون الذّرّية بعضها من بعض إلّا أن تكون في بطن دون جميعهم وكانت الامامة قد انتقلت عن الحسن إلى أخيه الحسين عليهماالسلام وجب أن يكون منه ومن صلبه من يقوم مقامه وذلك معنى قوله تعالى « ذرّيّة بعضها من بعض والله سميع عليم » ، فدلّت الآية على ما دلّت السنّة عليه.
وقال بعض علماء الاماميّة : كان الواجب علينا وعلى كلّ عاقل يؤمن بالله وبرسوله وبالقرآن وبجميع الأنبياء الّذين تقدَّم كونهم كون نبيّنا محمّد صلىاللهعليهوآله أن يتأمّل حال الاُمم الماضية والقرون الخالية فإذا تأمّلنا وجدنا حال الرُّسل والامم المتقدّمة شبيهة بحال أمّتنا وذلك أنَّ قوّة كلّ دين كانت في زمن أنبيائهم عليهمالسلام إنّما كانت متى قبلت الاُمم الرُّسل فكثر أتباع الرَّسول في عصره ودهره فلم تكن أمة كانت أطوع لرسولها بعد أنَّ قوي أمر الرَّسول من هذه الاُمّة لأنّ الرُّسل الّذين عليهم دارت الرحى قبل نبينا محمّد صلىاللهعليهوآله نوح وإبراهيم وموسى وعيسى عليهمالسلام هم الرُّسل الّذين في يد الاُمم آثارهم وأخبارهم ، ووجدنا حال تلك الاُمم اعترض في دينهم الوهن في المتمسّكين به لتركهم كثيراً ممّا كان يجب عليهم محافظته في أيّام رسلهم وبعد مضيِّ رسلهم وكذلك ما قال الله عزّ وجلّ : « قد جاءكم رسولنا يبيّن لكم كثيراً ممّا كنتم تخفون من الكتاب ويعفوا عن كثير » (١).
وبذلك وصف الله عزَّ وجلَّ أمر تلك القرون فقال عزَّ وجلَّ : « فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلوة واتّبعوا الشهوات فسوف يلقون غيّاً » (٢) وقال الله عزّ وجلّ لهذه الاُمّة : « ولا يكونوا كالّذين أوتوا الكتاب من قبل فطال عليهم الأمد فقست قلوبهم » (٣).
__________________
(١) المائدة : ١٨.
(٢) مريم : ٥٩.
(٣) الحديد : ١٦.