الاماميّة قد اتفقوا على أنَّ رسول الله صلىاللهعليهوآله قال : « إنّي تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي وهما الخليفتان من بعدي وإنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليَّ الحوض » وتلقّوا هذا الحديث بالقبول فوجب أنَّ الكتاب لا يزال معه من العترة من يعرف التنزيل والتأويل علما يقينا يخبر عن مراد الله عزَّ وجلَّ كما كان رسول الله صلىاللهعليهوآله يخبر عن المراد ولا يكون معرفته بتأويل الكتاب استنباطاً ولا استخراجاً كما لم تكن معرفة الرَّسول صلىاللهعليهوآله بذلك استخراجاً ولا استنباطاً ولا استدلالاً ولا على ما تجوز عليه اللّغة وتجري عليه المخاطبة ، بل يخبر عن مراد الله ويبيّن عن الله بيانا تقوم بقوله الحجّة على النّاس ، كذلك يجب أن يكون معرفة عترة الرَّسول صلىاللهعليهوآله بالكتاب على يقين ومعرفة وبصيرة ، قال الله عزَّ وجلَّ في صفة رسول الله صلىاللهعليهوآله : « قل هذه سبيلي أدعوا إلى الله على بصيرة أنا ومن اتّبعني » (١) فأتباعه من أهله وذريّته وعترته هم الّذين يخبرون عن الله عزَّ وجلَّ مراده من كتابه على يقين ومعرفة وبصيرة ، ومتى لم يكن المخبر عن الله عزَّ وجلَّ مراده ظاهراً مكشوفاً فانّه يجب علينا أن نعتقد أنَّ الكتاب لا يخلو من مقرون به من عترة الرَّسول صلىاللهعليهوآله يعرف التأويل والتنزيل إذ الحديث يوجب ذلك.
وقال علماء الاماميّة : قال الله عزَّ وجلَّ : « إنَّ الله اصطفى آدم ونوحاً وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين ذريّة بعضها من بعض » (٢) فوجب بعموم هذه الآية أن لا يزال في آل إبراهيم مصطفى وذلك أنَّ الله عزَّ وجلَّ جنّس النّاس في هذا الكتاب جنسين فاصطفى جنسا منهم وهم الأنبياء والرسل والخلفاء عليهمالسلام وجنساً اُمروا باتباعهم ، فما دام في الأرض من به حاجة إلى مدبّر وسائس ومعلّم ومقوِّم يجب أن يكون بازائهم مصطفى من آل إبراهيم ويجب أن يكون المصطفى من آل إبراهيم ذرية بعضها من بعض لقوله عزَّ وجلَّ « ذرّيّة بعضها من بعض » وقد صحَّ أنَّ رسول الله صلىاللهعليهوآله وأمير المؤمنين والحسن والحسين صلوات الله عليهم المصطفون من آل إبراهيم فوجب
__________________
(١) يوسف : ١٠٨.
(٢) آل عمران : ٣٣.