فمرُّوا في طريقهم برجل يقال له : بحيرى فلمّا رأى الغمامة تسير معهم نزل من صومعته واتّخذ لقريش طعاماً وبعث إليهم يسألهم أن يأتوه ، وقد كانوا نزلوا تحت شجرة فبعث إليهم يدعوهم إلى طعامه فقالوا له : يا بحيرى والله ما كنّا نعهد هذا منك ، قال قد أحببت أن تأتوني ، فأتوه وخلّفوا رسول الله صلىاللهعليهوآله في الرَّحل ، فنظر بحيرى إلى الغمامة قائمة ، فقال لهم : هل بقي منكم أحدٌ لم يأتني؟ فقالوا : ما بقي منّا إلّا غلام حدث خلّفناه في الرَّحل ، فقال : لا ينبغي أن يتخلّف عن طعامي أحدٌ منكم ، فبعثوا إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله فلمّا أقبل أقبلت الغمامة ، فلمّا نظر إليه بحيرى قال : من هذا الغلام؟ قالوا : ابن هذا وأشاروا إلى أبي طالب ، فقال له بحيرى : هذا ابنك؟ قال أبو طالب : هذا ابن أخي قال : ما فعل أبوه؟ قال : توفّي ، وهو حمل ، فقال بحيرى لابي طالب : ردَّ هذا الغلام إلى بلاده فإنّه أن علمت به اليهود ما أعلم منه قتلوه ، فإنَّ لهذا شأنا من الشأن ، هذا نبيُّ هذه الاُمّة ، هذا نبي السيف.
١٥
( باب )
* (ذكر ما حكاه خالد بن اسيد بن أبى العيص ، وطليق بن سفيان بن امية عن) *
* (كبير الرهبان في طريق الشام من معرفته بأمر النبيّ صلىاللهعليهوآله ) *
٣٨ ـ حدّثنا أحمد بن الحسن القطّان ؛ وعليُّ بن أحمد بن محمّد ، ومحمّد بن أحمد الشيبانيُّ رضي الله عنهم قالوا : حدّثنا أبو العبّاس أحمد بن يحيى بن زكريّا القطان قال : حدّثنا محمّد بن إسماعيل قال : حدّثنا عبد الله بن محمّد قال : حدّثني أبي ، قال : حدّثني الهيثم بن عمرو المزني (١) ، عن عمّه ، عن يعلى النسّابة قال : خرج خالد بن أسيد بن أبي العيص ، وطليق بن سفيان بن اُميّة تجّاراً إلى الشام سنة خرج رسول الله صلىاللهعليهوآله فيها فكانا معه ، وكان يحكيان أنّهما رأيا في مسيره وركوبه ممّا يصنع الوحش والطير ، فلمّا توسطنا سوق بصرى إذا نحن بقوم من الرُّهبان قد جاؤوا متغيّر الألوان كأنَّ على
__________________
(١) تقدَّم الكلام فيه ص ١٨٢.