نبّه على مكانه ، ودلَّ على موضعه لئلّا يكون فعله بأمير المؤمنين والحسن والحسين عليهمالسلام محاباة ، وهذا واضح ، والحمد لله ، ثمّ دلّنا على أنَّ الامام بعد أمير المؤمنين الحسن باستخلاف أمير المؤمنين عليهالسلام إيّاه واتّباع أخيه له طوعاً.
وأمّا قوله : « إنَّ المؤتمّة خالفت الاجماع وادعت الامامة في بطن من العترة » فيقال له : ما هذا الاجماع السّابق الّذي خالفناه فانّا لا نعرفه ، اللّهمّ إلّا أن تجعل مخالفة الاماميّة للزّيديّة خروجاً من الاجماع ، فإنَّ كنت إلى هذا تومي فليس يتعذَّر على الاماميّة أن تنسبك إلى مثل ما نسبتها إليه وتدَّعي عليك من الاجماع مثل الّذي ادّعيته عليها ، وبعد فأنت تقول : إنَّ الامامة لا تجوز (١) إلّا لولد الحسن والحسين عليهماالسلام فبين لنا لم خصصت ولدهما دون سائر العترة لنبيّن لك بأحسن من حجتك ما قلناه ، وسيأتي البرهان في موضعه إن شاء الله.
ثم قال صاحب الكتاب : وقالت الزّيديّة : الامامة جائزة للعترة وفيهم لدلالة رسول الله صلىاللهعليهوآله عليهم عامّاً لم يخصّص بها بعضاً دون بعض ، ولقول الله عزَّ وجلَّ لهم دون غيرهم باجماعهم : « ثمّ أورثنا الكتاب الّذين اصطفينا من عبادنا ـ الآية » (٢).
فأقول ـ وبالله التوفيق ـ : قد غلط صاحب الكتاب فيما حكى لأنّ الزّيديّة إنّما تجيز الامامة لولد الحسن والحسين عليهماالسلام (٣) خاصّة ، والعترة في اللّغة العمِّ وبنو العم ، الأقرب فالأقرب ، وما عرف أهل اللّغة قطُّ ولا حكى عنهم أحدٌ أنّهم قالوا : العترة لا تكون إلّا ولد إلّا بنة من ابن العمِّ ، هذا شيء تمنته الزّيديّة وخدعت به أنفسنا وتفرَّدت بادِّعائه بلا بيان ولا برهان ، لأنّ الّذي تدّعيه ليس في العقل ولا في الكتاب ولا في الخبر ولا في شئ من اللغات وهذه اللّغة وهؤلاء أهلها فاسألوهم
__________________
(١) في بعض النسخ « لا تكون ».
(٢) فاطر : ٣٢ ، وتمام الآية « فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات باذن الله ذلك هو الفضل الكبير ».
(٣) في منقوله المترجم في كتاب المسمى بنامه دانشوران ج ٤ ص ٢٧٨ « الزّيديّة إنّما تجيز الامامة لولد الحسين عليهالسلام ».