ليضع كلّ شيء من ذلك موضعه الّذي وضعه الله عزَّ وجلَّ ، لا يقدم مؤخّراً ، ولا يؤخّر مقدَّماً. ويجب أن يكون جامعاً لعلم الدِّين كلّه ليمكن التمسّك به والاخذ بقوله فيما اختلفت فيه الاُمّة وتنازعته من تأويل الكتاب والسنّة ، ولأنّه إن بقي منه شئ لا يعلمه لم يمكن التّمسّك به ثمّ متى كان بهذا المحلِّ أيضاً لم يكن مأموناً على الكتاب ، ولم يؤمن أن يغلط فيضع النّاسخ منه مكان المنسوخ ، والمحكم مكان المتشابه ، والندب مكان الحتم ، إلى غير ذلك ممّا يكثر تعداده ، وإذا كان [ هذا ] هكذا صار الحجّة والمحجوج سواء ، وإذا فسد هذا القول صحَّ ما قالت الاماميّة من أنَّ الحجّة من العترة لا يكون إلّا جامعاً لعلم الدِّين معصوماً مؤتمناً على الكتاب ، فإنَّ وجدت الزّيديّة في أئمتها من هذه صفته فنحن أوَّل من ينقاد له ، وإن تكن الاخرى فالحقُّ أولى ما اتُّبع.
وقال شيخ من الاماميّة : إنّا لم نقل : إنَّ الحجّة من ولد فاطمة عليهماالسلام قولاً مطلقاً وقلناه بتقييد وشرائط ، ولم نحتجَّ لذلك بهذا الخبر فقط بل احتججنا به وبغيره ، فأوَّل ذلك أنّا وجدنا النبيّ صلىاللهعليهوآله قد خصَّ من عترته أهل بيته أمير المؤمنين والحسن والحسين عليهمالسلام بما خصَّ به ودلَّ على جلالة خطرهم وعِظَم شأنهم وعلوِّ حالهم عند الله عزَّ وجلَّ بما فعله بهم في الموطن بعد الموطن والموقف بعد الموقف ممّا شهرته تغني عن ذكره بيننا وبين الزّيديّة ، ودلَّ الله تبارك وتعالى على ما وصفناه من علو شأنهم بقوله : « إنّما يريد الله ليذهب عنك الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا » (١) وبسورة هل أتى وما يشاكل ذلك ، فلمّا قدم عليهالسلام هذه الامور وقرر عند امته أنَّه ليس في عترته من يتقدمهم في المنزلة والرفعة ولم يكن عليهالسلام ممّن ينسب إلى المحاباة ولا ممّن يولي ويقدم إلّا على الدِّين علمنا أنّهم عليهمالسلام نالوا ذلك منه استحقاقاً بما خصهم به ، فلمّا قال بعد ذلك كلّه : « قد خلّفت فيكم كتاب الله وعترتي » علمنا أنَّه عنى هؤلاء دون غيرهم لأنّه لو كان هناك من عترته من له هذه المنزلة لخصّه عليهالسلامو
__________________
(١) الاحزاب : ٣٣.