المدَّة في الغيبة طولاً يخرج من عادات من غاب ، فالتصديق بالاخبار يوجب اعتقاد إمامة ابن الحسن عليهالسلام على ما شرحت وأنّه قد غاب كما جاءت الأخبار في الغيبة فانّها جاءت مشهورة متواترة وكانت الشّيعة تتوقّعها وتترجّاها (١) كما ترجون بعد هذا من قيام القائم عليهالسلام بالحقِّ وإظهار العدل. ونسأل الله عزَّ وجلَّ توفيقاً وصبراً جميلاً برحمته.
وقال أبو جعفر محمّد بن عبد الرَّحمن بن قبة الرَّازيُّ في نقض كتاب الاشهاد لأبي زيد العلويِّ ، قال صاحب الكتاب بعد أشياء كثيرة ذكرها لا منازعة فيها : وقالت الزّيديّة والمؤتمّة (٢) : الحجّة من ولد فاطمة بقول الرَّسول المجمع عليه في حجّة الوداع ، ويوم خرج إلى الصلاة في مرضه الّذي توّفي فيه : « أيّها النّاس قد خلّفت فيكم كتاب الله وعترتي إلّا إنّهما لن يفترقا حتّى يردا علىَّ الحوض ، إلّا وإنكم لن تضلّوا ما استمستكم بهما ». ثمَّ أكد صاحب الكتاب هذا الخبر وقال فيه قولاً لا مخالفة فيه ، ثمّ قال بعد ذلك : أنَّ المؤتمّة خالفت الاجماع وادَّعت الامامة في بطن من العترة ولم توجبها لسائر العترة (٣) ، ثمّ لرجل من ذلك البطن في كلّ عصر.
فأقول ـ وبالله الثقة : إنَّ في قول النبيّ صلىاللهعليهوآله على ما يقول الاماميّة دلالة واضحة وذلك أنَّ النبيّ صلىاللهعليهوآله قال : « إنّي تارك فيكم ما إن تمسّكتم به لن تضلّوا كتاب الله وعترتي أهل بيتي » دلَّ على أنَّ الحجّة من بعده ليس من العجم ولا من سائر قبايل العرب بل من عترته أهل بيته ، ثمّ قرن قوله بما دلَّ [ به ] على مراده فقال : إلّا وإنها لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض « فأعلمنا أنَّ الحجّة من عترته لا تفارق الكتاب ، وانّا متى تمسّكنا بمن لا يفارق الكتاب لن نضلّ ، ومن لا يفارق الكتاب ممّن فرض على الاُمّة أن يتمسّكوا به ، ويجب في العقول أن يكون عالماً بالكتاب مأمونا عليه يعلم ناسخه من منسوخه ، وخاصّه من عامه ، وحتمه من ندبه ، ومحكمه من متشابهه
__________________
(١) في بعض النسخ « تتوخاها ».
(٢) يعني الاماميّة ـ الاثنى عشرية ـ.
(٣) يريد أنَّ لفظ العترة عام يشملهم جميعاً فجميع العترة داخل.