ولداً هو الامام وأمروا النّاس أن لا يسألوا عن اسمه وأن يستروا ذلك من أعدائه ، وطلبه السّلطان أشدَّ طلب ووكّل بالدور والحبالى من جواري الحسن عليهالسلام ، ثمّ كانت كُتُب ابنه الخلف بعده تخرج إلى الشّيعة بالأمر والنهي على أيدي رجال أبيه الثّقات أكثر من عشرين سنة ، ثمّ انقطعت المكاتبة ومضى أكثر رجال الحسن عليهالسلام الّذين كانوا شهدوا بأمر الامام بعده وبقي منهم رجل واحد قد أجمعوا على عدالته وثقته فأمر النّاس بالكتمان وأن لا يذيعوا شيئاً من أمر الامام ، وانقطعت المكاتبة فصح لنا ثبات عين الامام بما ذكرت من الدّليل ، وبما وصفت عن أصحاب الحسن عليهالسلام ورجاله ونقلهم خبره ، وصحّة غيبته بالاخبار المشهورة في غيبة الامام عليهالسلام وأنَّ له غيبتين احديهما أشدُّ من الاُخرى.
ومذهبنا في غيبة الامام في هذا الوقت لا يشبه مذهب الممطورة (١) في موسى بن جعفر لأنّ موسى مات ظاهراً ورآه النّاس ميتاً ودفن دفناً مكشوفاً ومضى لموته أكثر من مائة سنة وخمسين سنة لا يدعي أحد أنَّه يراه ولا يكاتبه ولا يراسله ، ودعواهم أنَّه حيٌّ فيه إكذاب الحواسَّ الّتي شاهدته ميتاً وقد قام بعده عدَّة أئمّة فأتوا من العلوم بمثل ما أتى به موسى عليهالسلام. وليس في دعوانا هذه ـ غيبة الامام ـ إكذاب للحسِّ ولا محال ولا دعوى تنكرها العقول ولا تخرج من العادات وله إلى هذا الوقت مَن يدَّعي من شيعته الثّقات المستورين أنَّه باب إليه وسبب يؤدِّي عنه إلى شيعته أمره ونهيه ولم تطل
__________________
(١) المراد بالممطورة : الواقفية. كما في المجمع قال فيه : والممطر ـ كمنبر ـ ما يلبس في المطر يتوقى به. والممطورة : الكلاب المبتلة بالمطر. وقال أبو محمّد الحسن ابن موسى النوبختي في كتابه « فرق الشيعة » وقد لقب الواقفة بعض مخالفيها ممّن قال بامامة عليّ بن موسى « الممطورة » وغلب عليها هذا الاسم وشاع لها. وكان سبب ذلك أنَّ عليّ ابن اسماعيل الميثمي ويونس بن عبد الرحمن ناظرا بعضهم فقال له على بن اسماعيل ـ وقد اشتدَّ الكلام بينهم ـ : ما أنتم إلّا كلاب ممطورة. أراد إنّكم أنتن من جيف لأنّ الكلاب إذا أصابها المطر فهى أنتن من الجيف. فلزمهم هذا اللقب فهم يعرفون به اليوم ، لأنّه إذا قيل للرجل أنَّه ممطور فقد عرف أنَّه من الواقفة عليّ موسى بن جعفر عليهماالسلام خاصة لأنّ كلّ من مضى منهم فله واقفة قد وقفت عليه وهذا اللقب لاصحاب موسى خاصة. انتهى.