أنَّ الله تعالى ذكره لا يخاف الفوت فيعاجلهم بالعقوبة ، ولا يسأل عمّا يفعل وهم يسألون. ولا يقال له : لم ولا كيف ، وهكذا إظهار الامام إلى الله الّذي غيّبه فمتى أراده أذن فيه فظهر.
فقال الملحد : لست اُومن بامام لا أراه ولا تلزمني حجّته ما لم أره ، فقلت له : يجب أن تقول : أنَّه لا تلزمك حجّة الله تعالى ذكره لانّك لا تراه ولا تلزمك حجّة الرَّسول عليهالسلام لانّك لم تره.
فقال للامير السعيد ركن الدولة رضياللهعنه : أيّها الأمير راع ما يقول هذا الشيخ فانه يقول : إنَّ الامام إنّما غاب ولا يرى لأنّ الله عزَّ وجلَّ لا يرى ، فقال له الأمير رحمهالله : لقد وضعت كلامه غير موضعه وتقولت عليه وهذا انقطاع منك وإقرار بالعجز.
وهذا سبيل جميع المجادلين لنا في أمر صاحب زماننا عليهالسلام ما يلفظون في دفع ذلك وجحوده إلّا بالهذيان والوساوس والخرافات الممّوهة.
وذكر أبو سهل اسماعيل بن عليٍّ النوبختي (١) في آخر كتاب التنبيه : وكثيراً ما يقول خصومنا : لو كان ما تدَّعون من النصِّ حقّاً لادِّعاه علي عليهالسلام بعد مضيِّ النبيّ صلىاللهعليهوآله .
فيقال لهم : كيف يدّعيه فيقيم نفسه مقام مدَّع يحتاج إلى شهود على صحّة دعواه وهم لم يقبلوا قول النبيِّ عليهالسلام فكيف يقبلون دعواه لنفسه ، وتخلّفه عن بيعة
__________________
(١) هو اسماعيل بن عليّ بن اسحاق بن أبي سهل بن نوبخت ، كان شيخ المتكلمين من أصحابنا الاماميّة ببغداد ووجههم ، متقدم النوبختيين في زمانه ، له جلالة في الدِّين والدنيا ، يجري مجرى الوزارء ، صنف كتباً كثيرة جملة منها في الرد على أرباب المقالات الفاسدة ، وله كتاب الانوار في تواريخ الائمّة الاطهار (ع). رأى مولانا الحجّة عليهالسلام عند وفاة أبيه الحسن بن على عليهماالسلام ، وله احتجاج على الحلاج صار ذلك سبباً لفضيحة الحلاج وخذلانه. (الكنى والالقاب للمحدث القمي ره)