أبي بكر ودفنه فاطمة عليهماالسلام من غير أن يعرّفهم جمعياً خبرها حتّى دفنها سرّاً أدلُّ دليل على أنَّه لم يرض بما فعلوه.
فان قالوا : فلم قبلها بعد عثمان؟ قيل لهم : اعطوه بعض ما وجب له فقبله ، وكان في ذلك مثل النبيّ صلىاللهعليهوآله حين قبل المنافقين والمؤلّفة قلوبهم.
وربما قال خصومنا ـ إذا عضّهم الحجاج (١) ولزمتهم الحجّة في أنَّه لابدّ من إمام منصوص عليه ، عالم بالكتاب والسنّة ، مأمون عليهما ، لا ينساهما ولا يغلط فيها ، ولا تجوز مخالفته ، واجب الطاعة بنصِّ الأوَّل عليه ـ فمن هو هذا الامام سمّوه لنا ودلّونا عليه؟.
فيقال لهم : هذا كلام في الأخبار وهو انتقال من الموضع الّذي تكلمنا فيه لأنّا إنّما تكلّمنا فيما توجبه العقول إذا مضى النبيّ عليهالسلام وهل يجوز أن لا يستخلف وينّص على إمام بالصّفة الّتي ذكرناها؟ فإذا ثبت ذلك بالادلّة فعلينا وعليهم التفتيش عن عين الامام في كلّ عصر من قبل الأخبار ونقل الشيع النص على عليٍّ عليهالسلام وهم الان من الكثرة واختلاف الأوطان والهمم على ما هم عليه يوجب العلم والعمل لاسيّما وليس بازائهم فرقةٌ تدّعي النصِّ لرجل عبد النبيّ صلىاللهعليهوآله غير عليٍّ عليهالسلام ، فإنَّ عارضونا بما يدَّعيه أصحاب زرادشت (٢) وغيرهم من المبطلين ، قيل لهم : هذه المعارضة تلزمكم في آيات النبيّ صلىاللهعليهوآله فإذا انفصلتم بشيء فهو فصلنا لأنّ صورة الشيع في هذا الوقت كصورة المسلمين في الكثرة فانّهم لا يتعارفون وإنّ أسلافهم يجب أن يكونوا كذلك (٣) بل أخبار الشيع أوكد لأنّه ليس معهم دولة ولا سيف ولا رهبة ولا رغبة وإنّما تنقل الأخبار الكاذبة لرغبة أو رهبة أو حمل عليها بالدُّول ، وليس في أخبار الشيعة شيء من ذلك وإذا صحَّ بنقل الشيعة النصَّ من النبيّ صلىاللهعليهوآله على عليٍّ عليهالسلام صحَّ بمثل ذلك نقلها النصَّ من عليٍّ على الحسن ومن الحسن على الحسين ثمّ على إمام إمام إلى الحسن بن عليٍّ ، ثمّ
__________________
(١) عض الرَّجل بصاحبه يعض عضيضاً أي لزمه (الصحاح).
(٢) كناية عن المخالفين للحق. وزرادشت رئيس مذهب المجوس.
(٣) في بعض النسخ « وان اسلامهم يجب أن يكون كذلك ».